كتابة الحديث في عهد النبي ﷺ بين النهي والإذن
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
المبحث الخامس: في ذكر آراء العلماء واجتهاداتهم في التوفيق بين أحاديث الإذن والنهي، وتحقيق المسألة في ذلك
مدخل
...
المبحث الخامس: في ذكر آراء العلماء واجتهاداتهم في التوفيق بين أحاديث الإذن والنهي، وتحقيق المسألة في ذلك
بعد أن تقرر ثبوت الأحاديث عنه ﷺ في كتابة الأحاديث وكثرتها بما لا يدع مجالًا للشك في ذلك، نجد بالمقابل أن هناك أحاديث أخرى تعارض هذه الأحاديث، فيها النهي الصريح عن الكتابة، وقد تقدّم سياقها في المبحث السابق من هذا البحث، وهي أربعة أحاديث، رواها خمسة من الصحابة: أبوسعيد الخدري وزيد بن ثابت وابن عباس وابن عمر –مقرونان في حديثٍ واحد– وأبو موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهم أجمعين، ولعل من أحسن هذه الأحاديث وأقواها سندًا حديث أبي سعيد الخدري، الذي خرَّجه مسلمٌ مرفوعا، بلفظ: "لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه"، على أنه قد أعلّه البخاري وأبو داود -كما تقدم في تخريجه- وعلى كلٍ فإنَّ تخريج مسلمٍ يعدُّ تصحيحًا له، ويكسبه هيبة الصحيح، ويدلّ على ثبوته –أيضًا– ما يشهد له من الأحاديث الأخرى، التي تقدمت الإشارة إليها.
وقد اختلفت آراء العلماء في إزالة هذا التعارض، ومحاولة الجمع والتوفيق بين أحاديث النهي والإذن، بعد أن استقر الأمر وانتهى الخلاف، وانعقد الإجماع على جواز كتابة الحديث، بل وعلى استحسانها. قال الخطابي في "معالم السنن" (١): ... أمر رسول الله ﷺ أمته بالتبليغ، وقال: "ليبلغ الشاهد
_________
(١) ٥: ٢٤٧.
1 / 55