كتابة الحديث في عهد النبي ﷺ بين النهي والإذن
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
عشرة من صبيان الأنصار القراءة والكتابة (١)، وكان بعض المسلمين يتعلمون القراءة والكتابة في مسجد رسول الله ﷺ، حيث تطوّع بعض المعلمين بتعليمهم مثل: عبد الله بن سعيد بن العاص، وسعد بن الربيع الخزرجي، وبشير بن سعد بن ثعلبة، وأبان بن سعيد بن العاص (٢)، فكثر عدد الكاتبين حتى زاد عدد كتاب الوحي على أربعين كاتبًا (٣)، ومع وجود عددٍ من الكتّاب في عهده ﷺ، وأمره لبعضهم بكتابة القرآن الكريم، نجده لم يأمر أحدًا بكتابة الحديث النبوي كما أمر بكتابة القرآن، بل نهى عن ذلك وأمر بمحو ما كُتب منه (٤)، ولعله أراد بذلك ألا يتكلوا على الكتاب، وأن يداوموا على ملكة الحفظ التي كان العرب يمتازون بها، ويعتمدون عليها في ضبط تواريخهم وأيامهم، ولاسيما أن الحديث تجوز روايته بالمعنى، بخلاف القرآن الذي هو معجزٌ بلفظه ومعناه، ومن ثمّ لا تجوز روايته بالمعنى، وللتخلص – أيضًا – من احتمال انشغال بعضهم به عن القرآن، أو حدوث التباس عند عامة المسلمين، فيخلطون القرآن بالحديث باختلاط صحف بعضهما مع بعض، وبخاصة في أول الإسلام قبل معرفة ألفاظ القرآن وتميز أسلوبه (٥)، لذلك اقتضت الحكمة
_________
(١) انظر التعليقة رقم ١.
(٢) انظر: "طبقات ابن سعد" ٣: ٥٣١، "الاستيعاب" لابن عبد البر ١: ٦٤، "بحوث في تاريخ السنة" د. أكرم العمري: ٢٨٧، "السنة قبل التدوين": ٢٩٩.
(٣) انظر: "عيون الأثر" لابن سيد الناس ١: ٣١٥، "تهذيب الكمال" للمزي ١: ١٩٦، "زاد المعاد" لابن القيم ١: ١١٧، "المصباح المضيء في كتّاب النبي الأمّيّ" لابن حديدة ١: ٢٨.
(٤) انظر: المبحث الرابع في سياق أحاديث النهي عن الكتابة.
(٥) انظر: ص ٤٧، ٤٨، ٥٢.
1 / 3