المرأة بين الفقه والقانون

مصطفى السباعي ت. 1384 هجري
75

المرأة بين الفقه والقانون

الناشر

دار الوراق للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

السابعة

سنة النشر

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

مكان النشر

بيروت

تصانيف

في الزيادة على واحدة باجماع المسلمين - فكيف أقر النبي تعدد زوجات أصحابه، وكيف رضي بذلك وسكت عنه؟ ولا أعتقد عاقلًا يزعم أن الصحابة والتابعين وجماهير المسلمين خلال أربعة عشر قرنا لم يفهموا هاتين الآيتين حق الفهم، وأن الله أدخر هذه الفضيلة لأصحاب هذا الفهم، إن قال أحد مثل هذا فقد حكم بنفسه على عقله! ... في اعتقادي أن الذين قالوا مثل هذا ليسوا من الجهل والغباوة الى هذا الحد، ولكنهم بين فريقين: بين مخلص حسن النية رأى شدة هجوم الغربيين على نظام التعدد في الاسلام، فظن أنه بمثل هذا القول يخلص الاسلام مما يتهمونه به، ومثل هذا ضعيف الايمان، ضعيف الشخصية، لا يثق بما عنده، ويخشى ما عند أعدائه، فينهزم أمامهم لأول حملة مصطنعة، وأرى أن عصر هؤلاء قد ولى، وأن الغربيين قد أصبحوا بحاجة الى ترميم بنيانهم المتداعي، فلم يعودوا يصلحون للهجوم على الناس .. ولم يعودوا يخيفون من يهاجمون ... وبين آخر سيء النية يريد أن يخدع المسلمون عن دينهم، فيزين لهم التبرئ مما فعله رسولهم وصحابته وجماهير الملايين المسلمين أربعة عشر قرنًا، بحجة أنهم لم يفهموا القرآن كما ينبغي، ومثل هذا مهتوك الستر لا يمكن أن يخدع أحدًا، وقد أصبح المسلمون من الثقة بدينهم، والوعي لدسائس خصومهم بما لا تنطلي عليهم مثل هذه الدسائس، ولا هاتيك التحريفات! في الأحوال الشخصية - في تعدّد الزوجات - أثر الاصلاح الاسلامي في التعدد جاء الاسلام ونظام التعدد شائع في كل شرائع العالم وشعوبه تقريبًا ولكنه لم يكن له حد ولا نظام. فكان أول إصلاح في هذا النظام أن قصره على أربع زوجات، وهو اصلاح عظيم الشأن إذا علمنا أن بعض الناس، بل بعض الأنبياء السابقين كانت لهم مئات الزوجات. وكان مما عمله أن شدد فيه على العدل بين الزوجات، عدلًا ماديًا إلى أقصى حدود المستطاع، وقد بنى الفقهاء المسلمون على هذا المبدأ إحكام أحكام في نهاية السمو الأخلاقي الذي لا مثيل له حتى في أخيلة الفلاسفة والحكماء. وإن تعجب فمن صنيع النبي ﷺ في مرضه الذي توفي فيه: كان يرحص على أن يبيت عند كل زوجة ليلة كما يبيت عند الآخرى، وكان من

1 / 83