المرأة بين الفقه والقانون

مصطفى السباعي ت. 1384 هجري
74

المرأة بين الفقه والقانون

الناشر

دار الوراق للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

السابعة

سنة النشر

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

مكان النشر

بيروت

تصانيف

الانسانية وأنها لا تستطيع العدل بين الأولى والثانية، خاطبه بما يستطيع، فنهاه عن أن يميل عن الأولى "كل" الميل، فيذرها كالمعلقة ومعنى ذلك أن الميل "بعض" الميل جائز، بل هو الذي لا بد أن يقع وهو مما لا يحاسب الله عليه الزوج. ولذلك ختم الآية الكريمة بقوله: ﴿وأن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورًا رحيمًا﴾ وهذا حث آخر للزوج أن يصلح الوضع فيما بينه وبين زوجته الأولى، ويتقي الله في أمرها فلا يهجرها ويسيء عشرتها، وأنه إن فعل ذلك فإن الله يغفر له ما يكون منه من ميل الى زوجته الثانية أكثر من الأولى، وأن الله رحيم بتلك الزوجة، بما سيلقي في قلب زوجها من وجوب العدل معها وحسن معاملته لها. ثالثًا- لو كان الأمر كما زعمه هؤلاء لما كان لقوله تعالى: ﴿فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع﴾ معنى، ولا أدى الى غرض ولكان الأولى أن يمنع التعدد رأسًا بلفظ واحد، لا أن يبيح التعدد ويعلقه بشرط مستحيل، فهذا عبث من الكلام يصان عنه أي واحد من العقلاء فكيف بكلام رب العالمين، الذي هو الذروة العليا من الفصاحة والبلاغة والبيان العربي المبين؟ ... أليس مثل ذلك - في دعواهم - كمثل من قال: أبحت لك أن تسلك هذه الطريق أوهذه الطريق، أو هذه الطريق، ولكن من المستحيل عليك أن تسلك إلا طريقًا واحدًا لكذا وكذا؟ ما معنى مثل هذا الكلام؟ وما فائدته؟ وهل يقع في مثل هذا في قانون؟ أو دستور أو كتاب علمي؟ فضلًا عن كتاب رب العالمين. رابعًا- من المعلوم في الدين بالضرورة أن النبي ﷺ مفسر لكتاب الله، وأنه لا يفعل حرامًا، ولا يسمح بحرام ولا يقر عليه، وقد ثبت أن العرب الذين دخلوا في الاسلام كان منهم كثيرون تحتهم أكثر من أربع زوجات، منهم من كان عنده ست، ومنهم من كان عنده ثمان، ومنهم من كان عنده عشر، ومنهم من كان عنده ثماني عشرة ... وهكذا فأمرهم النبي ﷺ أن يختار كل واحد أربعًا من زوجاته ويفارق سائرهن، ولو كان التعدد حراما بنص هاتين الآيتين لأمرهم أن يختاروا واحدة منهن ويفارقوا سائرهن. ومن الثابت أن النبي ﷺ قد عدد زوجاته، وأن أصحابه قد عددوا الزوجات في حياته وعلى مسمع منه وعلم، ولم ينكر عليهم، فاذا قيل إن تعدد زوجات النبي ﷺ خاص به - مع أن خصوصيته في الزيادة على الأربع لا

1 / 82