المرأة بين الفقه والقانون
الناشر
دار الوراق للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
السابعة
سنة النشر
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
مكان النشر
بيروت
تصانيف
أما المرأة فهي تأخذ المهر ولا تسهم بشيء من نفقات البيت على نفسها وعلى أولادها ولو كانت غنية، ومن هنا كان من العدالة أن يكون نصيبها في الميراث أقل من نصيب الرجل، وقد كان الاسلام معها كريمًا متسامحًا حين طرح عنها كل تلك الأعباء، وألقاها على عبء الرجل ثم أعطاها نصف ما يأخذ!
لنفرض رجلًا مات عن ابن وبنت وترك لهما مالًا، فماذا يكون مصير هذا المال غالبًا بعد أمدٍ قليل؟
إنه بالنسبة الى البنت سيزيد ولا ينقص! يزيد المهر الذي تأخذه من زوجها حين تتزوج، ويزيد ربح المال حين تنميه بالتجارة أو بأية وسيلة من وسائل الاستثمار ...
أما بالنسبة إلى أخيها الشاب فإنه ينقص منه المهر الذي سيدفعه لعروسه، ونفقات العرس، وأثاث البيت، وقد يذهب ذلك بكل ما ورثه ثم عليه دائمًا أن ينفق على نفسه وعلى زوجته وعلى أولاده.
أفلا ترون معي أن ما تأخذه البنت من تركة أبيها يبقى مدخرًا لها لأيام النكبات وفقد المعيل من زوج أو أب أو أخ أو قريب! .. بينما يكون ما يأخذه الابن معرضًا للاستهلاك لمواجهة أعبائه المالية التي لا بد له من القيام بها!.
لقد وجهت مرة هذا السؤال على طلابي في الحقوق - وفيهم فتيان وفتيات - وأردفته بسؤال آخر: هل ترون مع ذلك أن الاسلام ظلم المرأة في الميراث أو انتقصها حقها أو نقص من كرامتها؟
أما الطلاب فقد أجابوا بلسان واحد: لقد حابى الاسلام المرأة على حسابنا نحن الرجال! .. وأما الفتيات فقد سكتن، ومنهن من اعترفن بأن الاسلام كان منصفًا كل الانصاف حين أعطى الانثى نصف نصيب الذكر! ...
إن الشرائع التي تعطي المرأة في الميراث مثل نصيب الرجل، ألزمتها بأعباء مثل أعبائه، وواجبات مالية مثل واجباته، لا جرم أن كان أعطاؤها مثل نصيبه في الميراث في هذه الحالة أمرًا منطقيًا ومعقولًا، أما أن نعفي المرأة من كل عبء مالي، ومن كل سعي للانفاق على نفسها وعلى أولادها، ونلزم الرجل وحده بذلك، ثم نعطيها مثل نصيبه في الميراث فهذا ليس أمرًا منطقيًا مقبولًا في شريعة العدالة!.
1 / 30