وجهة العالم الإسلامي
الناشر
دار الفكر معاصر بيروت-لبنان / دار الفكر دمشق
رقم الإصدار
١٤٣١هـ = ٢٠٠٢م / ط١
مكان النشر
سورية
تصانيف
العوامل الداخلية
«هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم ...»
(سفر التكوين)
ــ
لقد تناولنا الظواهر حتى الآن من وجهة مجردة هي وجهة التحليل، وسنتناولها الآن من الطرف الآخر، أعني أننا سنتناولها في حياتها وفي حركتها ونشاطها.
فالحياة لا تحلل الظواهر وإنما تركبها، فإذا ما كانت العناصر متوافقة قابلة للاندماج صاغت منها الحياة (تركيبًا)، أما حين تكون متوزعة متضاربة، فإنها تجعل منها (تلفيقًا)، أي مجرد تكديس، هو والفوضى صنوان.
والعالم الإسلامي اليوم خليط من بقايا موروثة عن عصر ما بعد الموحدين، وأجلاب ثقافية حديثة جاء بها تيار الإصلاح، وتيار الحركة الحديثة، وهو خليط لم يصدر- كما رأينا- عن توجيه واع، أو تخطيط علمي، وإنما هو مجموعة من رواسب قديمة لم تصف من طابع القدم، ومستحدثات لم تتم تنقيتها. هذا التلفيق لعناصر من عصور مختلفة، ومن ثقافات متباينة، دون أدنى رباط طبيعي أو منطقي يربط بينها- قد أنتج عالمًا رأسه في عام ١٩٤٩ وقدماه في عام ١٣٦٩، وهو يحمل في حشاه ما حملت العصور الوسيطة؛ عالم متضارب منطوٍ على ألوان من التناقض والتنافر التي تجمعت وتراكمت في هيئة فوضى، جعلت أحد كبار المفكرين وهو إقبال، بعد أن كان محافظًا فيها يتصل بمشكلة المرأة، جعلته يستودع قلقه هذا البيت الحزين المتردد في نهاية حياته:
1 / 77