وجهة العالم الإسلامي
الناشر
دار الفكر معاصر بيروت-لبنان / دار الفكر دمشق
رقم الإصدار
١٤٣١هـ = ٢٠٠٢م / ط١
مكان النشر
سورية
تصانيف
حركة الاصلاح
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾
[الرعد:١٣/ ١٢]
ــ
لم يصطحب الأوربي، عندما حل بالعالم الإسلامي في مطلع القرن الأخير من العالم المسيحي سوى بعض استعدادات نفسه، تلك النفس الطيبة التي تكشف النظرة الفاحصة داخلها عن مجمع للفضائل الجذبية، تميزت بها نفس مغلقة كثيفة تجاه المسلمين.
والواقع أن النفس المسيحية في خارج إطارها، أعني في صِلاتها الواقعية بالعالم الإسلامي، تنقلب إلى نفس مستعمِرة، غذت طموحها- قبل إبحارها إلى شواطئ البربر أو سواحل الهند أو جزر السند- بأحاديث سمر عن منطقة كنوز خيالية في (الألدرادوس)، والقوم جلوس حول المدفأة، فهي تبحث بدورها لاكتشاف كنوز (بيرو)، إذ لم تشهد الإنسانية تعطشًا عارمًا إلى الذهب، كما كان ذلك بعد اكتشاف المستعمرات.
ومع ذلك فنحن لا نريد هنا أن نصدر حكمًا أخلاقيًا، بل إننا ننظر إلى المسألة نظرة اجتماعية، فإن الأوربي قد قام منذ قرنين بدور نافع في تاريخ العالم، ومهما كان في موقفه من انفصال عن بقية الإنسانية المحتقرة في نظره، والتي لا يرى فيها سوى سلم إلى مجده، فإنه قد أنقذ العالم الإسلامي من فوضى القوى الخفية، التي يغرق فيها كل مجتمع يستبدل الخيال الساذج بالروح. والخيال الساذبخ ظِلّ مشوه لتصورات المعتوهين الذين فقدوا ببعدهم عن معنى الواقع عبقرية الأرض.
1 / 47