مع الامام أبي إسحاق الشاطبي في مباحث من علوم القرآن الكريم وتفسيره
الناشر
الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة ٣٤ العدد ١١٥
تصانيف
"نَفسه"من قَوْله تَعَالَى: ﴿إِلا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ ١:"نَفسه" توكيدًا لـ"من" و"مَنْ" مَنْصُوبَة على الِاسْتِثْنَاء وَاسْتَحْسنهُ؛ لِأَن النَّاس اخْتلفُوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا.
فَقلت لَهُ: إِن الْمَعْنى على الرّفْع والتفريغ. فَقَالَ لي: أتسلم أَن فِي "يرغب" ضميرًا هُوَ فَاعله؟. فَقلت: نعم، لَوْلَا أَن الْمَعْنى: مَا يرغب عَن مِلَّة الْإِسْلَام إِلَّا من سفه نَفسه. فَوقف الْكَلَام هَا هُنَا، ثمَّ دلَّنِي الْأُسْتَاذ الْكَبِير أَبُو سعيد بن لب على مَا يُؤَيّد مَا ذكرته، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ﴾ ٢وَجهه الزَّمَخْشَرِيّ على التفريغ من جِهَة الْمَعْنى، أَي: مَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا الله ... ٣"٤.
(٢) وَقَالَ رَحمَه الله تَعَالَى: "حكى لنا الْأُسْتَاذ الشهير أَبُو سعيد بن لب - أبقاه الله - أَن الْفَارِسِي قَالَ: وجدت فِي الْقُرْآن من وضع الْجُمْلَة الاسمية مَوضِع الفعلية قَوْله تَعَالَى: ﴿أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى﴾ ٥، فَقَوله: ﴿فَهُوَ يَرَى﴾ جملَة اسميّة فِي مَوضِع فعلية.
وَقَالَ ابْن جني: وجدت أَنا موضعا آخر، قَوْله تَعَالَى: ﴿أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ﴾ ٦. وَقَالَ أَبُو الْحسن الْأَبْهَرِيّ: وجدت أَنا موضعا آخر:
١ - سُورَة الْبَقَرَة، الْآيَة: ١٣٠. ٢ - سُورَة آل عمرَان، الْآيَة: ١٣٥. ٣ - نَص كَلَام الزَّمَخْشَرِيّ فِي النُّسْخَة الَّتِي بَين يَدي هَكَذَا "وَالْمعْنَى أَنه وَحده مَعَه مصححات الْمَغْفِرَة" الْكَشَّاف (١/٤٦٤) . ٤ - انْظُر الإفادات والإنشادات، ص (١٠٨، ١٠٩) . ٥ - سُورَة النَّجْم، الْآيَة: ٣٥. ٦ - سُورَة الطّور، الْآيَة: ٤١، وَسورَة الْقَلَم، الْآيَة ٤٧.
1 / 104