ولاية الله والطريق إليها

الشوكاني ت. 1250 هجري
185

ولاية الله والطريق إليها

محقق

إبراهيم إبراهيم هلال

الناشر

دار الكتب الحديثة - مصر / القاهرة

تصانيف

الحديث

بالنوافل وقد استشكل بما تقدم أولا أن الفرائض أحب العبادات المتقرب بها إلى الله تعالى فكيف لا تنتج المحبة؟

والجواب: أن المراد من النوافل ما كانت حاوية للفرائض مشتملة عليها ومكملة لها ويؤيده أن في رواية أبي أمامة: " ابن آدم إنك لن تدرك ما عندي إلا بأداء ما افترضت عليك " انتهى.

وأقول هذا الإشكال مندفع من أصله فإن العبد لما كان معتقدا لوجوب الفرائض عليه وأنه أمر حتم يعاقب على تركها كان ذلك بمجرده حاملا له على المحافظة عليها، والقيام بها فهو يأتي بها بالإيجاب الشرعي والعزيمة الدينية.

وأما النوافل فهو يعلم أنه لا عقاب عليه في تركها، فإذا فعلها فذلك لمجرد التقرب إلى الرب خاليا من حتم عاطلا عن حزم، فكان في فعلها من هذه الحيثية محض المحبة للتقرب إلى الله بما يحب من العمل، فجوزى على ذلك بمحبة الله له وإن كان أجر الفرض أكثر، فلا ينافي أن تكون المجازاة بما كان الحامل عليه هو محبة التقرب إلى الله أن يحب الله فاعله لأنه فعل ما لم يوجبه الله عليه ولا عزم عليه بأن يفعله.

ومثال هذا في الأحوال المشاهدة في بني آدم أن السيد إذا أمر عبده بأن يقضي له في كل يوم حاجة أو حوائج، وكذلك أمر من له من المماليك بمثل ذلك فكان أحدهم يقضي له تلك الحوائج ثم يقضي له حوائج أخرى يعلم أن سيده يحب قضاءها، وتحسن لديه. والآخرون لا يقضون له إلا تلك الحوائج التي أمرهم السيد بها. فمعلوم أن ذلك العبد الذي صار يأتي له كل يوم بما أمره

صفحة ٤٠١