ما قاله الثقلان في أولياء الرحمن
الناشر
مبرة الآل والأصحاب
رقم الإصدار
الرابعة
سنة النشر
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
ووفق ما سبق ذكره يتضح أن مدلول الصحبة اللغوية لا يمكن انطباقه على الصحبة الشرعية ولا يمكن تعريفها طبقًا له، إذ لو كان (الصحابي) يُعرّف بالتعريف اللغوي للصحبة وفق الاستخدامات التي مرت، لكنّا نحن جميعًا في عداد الصحابة، ولكان اليهود والمنافقون والنصارى والمشركون الذين لقوا النبي ﵌ كذلك من باب أولى، إذ لا يشترط في اللغة للفظ المصاحبة اللقاء المستمر والإيمان بالله والموت على ذلك.
ومن ذلك على سبيل المثال نذكر قصة تطاول المنافق عبد الله بن أبي بن سلول على... النبي ﵌، وطلب عمر ﵁ من النبي ﵌ أن يأذن له بضرب عنقه، فقال له ﵌: (دعه؛ لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه) (^١).
فالنبي ﵌ ذكر الصحبة للمنافق في هذا الحديث، لكنه قصد الاستعمال اللغوي لا الاصطلاحي، وهذا من بلاغته ﵌ وحكمته، وفق ما تعارف عليه العرب في لغتهم، ولم يكن هناك من محظور في فهم الإطلاق اللغوي، وذلك لأمرين:
الأول: أن الإطلاق اللغوي لا يقصد منه التفريق بين الإيمان والنفاق؛ لأنه ليس له ضابط.
الثاني: أن النبي ﵌ قال عن سبب منع عمر ﵁ عن قتله للمنافق: (حتى لا يتحدث الناس)، والناس المشار إليهم هنا هم فئة ليست من الصحابة وفقًا للمصطلح الشرعي؛ لأن القرآن حينما خاطب أهل الإيمان كان يخاطبهم بقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ وحينما كان يوجه الكلام للكفار أو لعموم الناس مؤمنهم وكافرهم كان خطابه: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ﴾.
_________
(^١) شرح أصول الكافي/ مولى محمد سالم المازندراني: (١٢/ ٤٨٧). وانظر: الصحيح من السيرة/ السيد جعفر مرتضى: (٦/ ١٦٣).
1 / 17