88

ما شاع ولم يثبت في السيرة النبوية

الناشر

دَارُ طَيبة

تصانيف

وبعض الرواة يهم في هذا ويقول: إنما كان ذلك عند مقدمه إلى المدينة من مكة، وهو وهم ظاهر، لأن ثنيات الوداع إنما هي من ناحية الشام، لايراها القادم من مكة إلى المدينة، ولايمر بها إلا إذا توجّه للشام .. (٧) ". وجاء سبب تسمية ثنية الوداع بذلك وأنها من جهة تبوك في حادثة أخرى، في تحريم نكاح المتعة. قال الحافظ ابن حجر: "وأخرجه الحازمي من حديث جابر، قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ إلى غزوة تبوك، حتى إذا كناّ عند العقبة مما يلي الشام جاءت نسوة كناّ تمتعنا بهن يطفن برحالنا، فجاء رسول الله ﷺ فذكرنا ذلك له، فغضب وقام خطيبًا فحمد الله وأثنى عليه، ونهى عن المتعة، فتوادعنا يومئذ فسميت ثنية الوداع (٨) ". والحديث "لا يصح فإنه من طريق عباد بن كثير، وهو متروك (٩) ". قال الشيخ الألباني-﵀: "على أن القصة برمّتها غير ثابتة (١٠) ". ومما يدل على ضعف هذه القصة: أن الروايات الصحيحة في دخوله ﷺ طيبة عند هجرته إليها لم تذكر ولو إشارة ما يستشهد به لذلك، بل نقلت تلك الروايات ما قاله أهل المدينة عند وصوله إليها، فقد روى البخاري ﵀ في صحيحه في (باب هجرة النبي ﷺ وأصحابه إلى المدينة) حديث أنس بن مالك ﵁، وفيه: "فقيل في المدينة: جاء نبي الله، جاء نبي الله ﷺ فأشرفوا ينظرون ويقولون: جاء نبي الله .. (١١) " وفي حديث البراء بن عازب ﵁: " .. ثم قدم النبي ﷺ، فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم (١٢) برسول الله ﷺ، حتى جعل الإماء يقلن: قدم رسول الله ﷺ" وفي رواية: "فصعد الرجال والنساء فوق البيوت، وتفرّق

(٧) زاد المعاد (٣/ ٥٥١) الطبعة السادسة، ١٤٠٥. (٨) فتح الباري (٨/ ١٦٩). (٩) فتح الباري (٨/ ١٧٠). والتلخيص الحبير (٣/ ١٧٨). (١٠) سلسة الأحاديث الضعيفة (٢/ ٦٣) الطبعة الثالثة، ١٤٠٦. (١١) كتاب مناقب الأنصار، رقم ٣٩١١. (١٢) البخاري، رقم ٣٩٢٥.

1 / 89