عشرين عامًا قضاها مشركو مكة في حرب هذه الدعوة والصدّ عن سبيلها، ومعاداتها، وما تركوا من حيلة إلا جربوها، وطريق إلا سلكوه ليحولوا بين الناس وبين هذا الدين وكم تفننوا في تعذيب الأتباع، والنيل منهم، والتضييق عليهم، بل طاردوهم حتى خارج الجزيّرة. ثم شنوا ضدهم ثلاثة حروب. ومع هذا كله يدخل ﷺ مكة -ومعه عشرة آلاف مقاتل- متواضعًا خاشعًا لله "وهذا التواضع في هذا الموطن عند دخولة ﷺ مكة في مثل هذه الجيش الكثيف العرمرم، بخلاف ما اعتمده سفهاء بني إسرائيل حين أُمروا أن يدخلو باب بيت المقدس وهم سجود. أي ركّع. يقولون: حِطّة، فدخلوا يزحفون على أستاههم وهم يقولون: حنطة في شعرة (١٩) ".
وصار بعض مُسلمة الفتح يُعرفون بالطلقاء، كما في البخاري: "لما كان يوم حنين .. ومع النبي ﷺ عشرة آلاف ومن الطلقاء .. " قال الحافظ معلقًا على رواية: "عشرة آلاف من الطلقاء" "فإنّ الطلقاء لم يبلغوا هذا القدر ولا عُشر عُشره (٢٠) ".
وأخرج مسلم عن أنس قول أم سُليم يوم حنين للرسول ﷺ: "اُقتل من بعدنا من الطلقاء انهزموا بك .. (٢١) ".
فائدة: الجمهور على أن مكة فتحت عَنوة. انظر: (زاد المعاد ٣/ ١١٩) و(فتح الباري ٨/ ١٢).
وأخرى: ذكر ابن حجر أنه لم يبق أحد من قريش بعد الفتح لم يُسلِم (التهذيب ٥/ ٦٢).
(١٩) ابن كثير، البداية والنهاية (٤/ ٢٩٣).
(٢٠) ٨/ ٥٤، ٥٥ فتح.
(٢١) ١٢/ ١٨٨ نووي.
1 / 191