أَحْبَارُ الْيَهُودِ وَجَدُوا صِفَةَ النَّبِيِّ ﷺ مَكْتُوبَةً فِي التَّوْرَاةِ: أَكْحَلَ، أَعْيَنَ رَبْعَةً، حَسَنَ الْوَجْهِ، فَلَمَّا وَجَدُوهُ فِي التَّوْرَاةِ مَحَوْهُ حَسَدًا وَبَغْيًا، فَأَتَاهُمْ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: أَتَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ نَبِيًّا مِنَّا؟ قَالُوا: نَعَمْ، نَجِدُهُ طَوِيلا أَزْرَقَ سَبِطَ الشَّعْرِ "
قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً﴾ [البقرة: ٨٠] قال ابن عباس: قدم رسول الله ﷺ المدينة، ويهود تقول: إنما هذه الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما نعذب بكل ألف سنة يوما واحدا، ثم ينقطع عنا العذاب.
فأنزل الله فِي ذلك: ﴿وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً﴾ [البقرة: ٨٠] أي: قليلة.
والمعدودة إذا أطلقت كان معناها: القليلة، كقوله: ﴿دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ [يوسف: ٢٠] فقال الله ﷿: قل لهم يا محمد، ﴿أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ﴾ [البقرة: ٨٠] أي: هل أخذتم بما تقولون من الله ميثاقا؟ ! فالله لا ينقض ميثاقه، ﴿أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ﴾ [البقرة: ٨٠] الباطل جهلا منكم.
والمعنى: قل لهم: على أي الحالتين أنتم على اتخاذ العهد؟ أم على القول ب ما لا تعلمون؟ قوله تعالى: ﴿بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً﴾ [البقرة: ٨١] قال الفراء: بلى يكون جوابا للكلام الذي فِيهِ الجحد، فإذا قال الرجل: ألست تقوم؟ فتقول: بلى.
ونعم جواب للكلام الذي لا جحد فِيهِ، فإذا قال الرجل: هل تقوم؟ قلت: نعم.
قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ﴿٨﴾ قَالُوا بَلَى﴾ [الملك: ٨-٩]، وقال: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ [الأعراف: ١٧٢]، وقال: ﴿فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ﴾ [الأعراف: ٤٤] والآية رد على اليهود فِي قولهم: ﴿لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً﴾ [البقرة: ٨٠]، فقال الله تعالى: بلى أعذب من كسب سيئة.
والسيئة: العمل القبيح.
وإجماع أهل التفسير أن السيئة ههنا هي الشرك، ﴿وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ﴾ [البقرة: ٨١] أي: سدت عليه مسالك النجاة، والخطيئة: الذنب على عمد.