ولأهل قرطاج تكبر يفوق القياس ولكنهم فقراء وبؤساء. ويبدو عليهم شدة التدين. وأكثرهم بساتنة وفلاحون. ويرهقهم الملك بالضرائب حتى لا تجد منهم من يملك عشرة دنانير. وفي ذلك جور يعرفه الجميع.
مدينة تونس الكبرى
تسمى تونس عند اللاتين تونيتوم، ولدى العرب تونس. ولكن يعتقد هؤلاء أن هذا الاسم محرف لأنه لا يعني شيئا في لسانهم. وكانت تدعى في غابر الزمن ترسيس، كتلك المدينة الموجودة في آسيا (85). ومهما كان الأمر، فقد كانت في الماضي مدينة صغيرة بنيت على أيدي الأفارقة على ضفة بحيرة تتكون مياهها من ممر حلق الواد، على مسافة ميلين تقريبا من البحر المتوسط.
وقد أخذت هذه المدينة بالتوسع بعد خراب قرطاج، سواء فيما يتعلق بعدد مساكنها او فيما يتعلق بعدد سكانها. والواقع هو أن القوات التي احتلت قرطاج لم ترغب في المكث فيها خشية وصول بعض النجدات القادمة من أوربا فسكنوا تونس وبنوا فيها بيوتا. وبعدئذ قدم قائد جيش عثمان، ثالث خليفة، واسمه عقبة، فأعطى هذا امرا للقوات بألا تقيم في أية مدينة كانت قريبة من البحر أو على شاطىء البحر نفسه. ولهذا السبب بنى المدينة التي دعيت القيروان، على مسافة ست وثلاثين ميلا من البحر وحوالي مائة ميل من تونس. فغادرت القوات إذن تونس واستقرت في القيروان. فاحتل أهل تونس البيوت التي غادرها الجنود (86)
صفحة ٤٤٢