172

============================================================

بالمفتون في أعماله وإبدائها(1) .

الا. فلا تتعرضوا للفتنة والبلوى، فإن لم يضطر إليكم، ولا للتاسي بكم فأسروا أموركم بمجهودكم . فإنه بلغنا: أن الله يظل بعرشه، يوم لا ظل إلا ظله، رجلا تصدق بيمينه، فكاد أن يخفيها عن شماله وقال بعض أهل العلم : أدركنا أقواما وما على الأرض من عمل يقدرون أن يعملونه في سر يكون علانية أبدا.

بلغنا أن رسول الله قال : "لما خلق الله الأرض، فمادت بأهلها، خلق(2) الله الجبال، فقيدها أوتادا للأرض، فقالت الملائكة : ما خلق الله خلقأ هو أشد من الجبال، فخلق الله الحديد، فقطع الجبال، ثم خلق النار، فأذابت الحديد، فأمر الله الماء فأطفا النار، وأمر الريح فركدت الماء، فاختلفت الملائكة، فقالت : نسأل الرب عز وجل، فقالت: يا رب، ما اشد من خلقت من خلقك ؟ قال : لم اخلق خلقا أشد من إبن ادم، حين يتصلق بيمينه فيخفيها من شماله. فهذا اشد خلقا خلقته(3): وبعد: فإنه بلغنا أن أعمال السر تزيد على أعمال العلانية بسبعين ضعفا، فهذا فضل ما بين الرجلين : أحدهما يظهر ما عنده طمعا في الثواب، وقد دهاه الشيطان، وعرضه للعقاب . والآخر اشد احتقارا لنفسه . وأوضع لها من أن يراها موضعا للاقتداء بها. فالحذر الحذر !!

(1) ليس هذه دعوة إلى قتل العلم وأبحاثه، بل هي دعوة إلى العلماء أن يطهروا قلوهم وأرواحهم ونفوسهم قبل الدخول في العلم، ليكون خالصا للمحق . لا يلتبس بهوى النفس فيضل ويضل: (2) في الأصل : نخلق. خطا.

() ظاهر العبارة خطا لغوي، فالمتوقع من الأسلوب فهذا أشد خلق خلقته" ولكه على النصيب يعطي الشدة للخلق الالهي نفسه حيث سرت منه تعالى إلى المخلوق، أما على الجر بالإضافة فإنه بوهم اسناد القوة إلى المخلوق والتقدير: فهذا خلقته اشد خلقا: وذكر الحديث بلفظ آخر في مشكاة الأنوار للشيخ الاكبر ص 17 طبعة حلب .

صفحة ١٧٢