============================================================
الباب الرابع والثلاثون في تصحيح السلوك العلمي اخواني : وإذا رأيتم الناس يبدون ما عندهم من العلم وفي ذلك يزدري بعضهم على بعض، وقلوبهم متنافرة، والفوس متباينة، فأسروا آموركم بجهودكم، وكونوا للشهرة والجدال مبغضين، والخمول للذكر محبين، وبالوحدة والانفراد انسين، وبين الملأ مستوحشين، وفي الخلوة والصمت راغيين(1) فليس من أحد بخطيئته إلا والله يسأله عنها ما أراد بها اخواني : فلا تتعرضوا لمساءلة الله إياكم فيما لا فقر لكم إليه : ارادة وجه الله بالعلم: وبعد: فاني أوصيكم متى اظهرتم من العلم شيئأ فأريدوا به وجه الله، (1) كان ذلك عصر سلطان العقيدة فيه مقبل، وسلطان الإلحاد فيه مدبر. أما وقد تبدل الحال، وأقبل الالحاد، وأدير الإيمان، وصفق الملحدون طريا لما ظنوه انتصارا، فلا عذر للعلماء في السكوت ، بل يجب أن يفزعوا لنصرة دينهم باللسان والقلم والعمل والقدوة الحنة، فالضرورة مقدرة بقدرها، ولكل مقام مقال وحال، ولكل عصر وسائله في نصرة الدين، ووسائل العصر الحديث في نصرة الإسلام ليت الخطب المسجوعة والحكم المسرودة، يل الدخول في أعماق العلم الحديث وتسخيره في خلمة الإيمان. فقد درس أسلافنا العظماء قديا فلسفة الرومان واليونان وغيرما، وكانت بمثابة العلوم الحديثة اليوم، ولكنهم سخروها لخدمة قضية الايمان، ونبهوا عن زيف الزائف منها . وكتب الغزالي ، والشيخ الاكبر خير شاهد على ذلك
صفحة ١٦٨