وسطية الإسلام وسماحته - عبد العزيز التويجري
الناشر
الكتاب منشور على موقع وزارة الأوقاف السعودية بدون بيانات
تصانيف
والتوجيه القرآني هنا، يرقى من مستوى نبذ التعصّب والكراهية، إلى مقام أرفع، وهو البرُّ بالناس كافة، ومعاملتهم بالقسط وهو العدل جميعًا. والبِرُّ هو الإحسان بكل دلالاته الأخلاقية واللغوية. ونتلو في سورة البقرة قوله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ (١) . ويذهب الشيخ محمد عبده في شرحه لهذه الآية إلى أن "الحُسْن" في هذا السياق، ليس معناه مجرد التلطف بالقول والمجاملة في الخطاب، فالحُسْن هو النافع في الدين والدنيا (٢) . وعند ابن كثير: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾، أي كلموهم طيبًا وليّنوا لهم جانبًا، ويدخل في ذلك الأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر بالمعروف، كما قال الحسن البصري أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بالمعروف، ويعفو ويصفح ويقول للناس حسنًا كما قال اللَّه وهو كلُّ خلق حسن رضيه اللَّه، بعد أن أمرهم بالإحسان إليهم بالفعل، فجمع بين طرفي الإحسان الفعلي والقولي (٣) وتلك هي المنطلقات الراسخة لأي حوار فاعل وهادف.
_________
(١) البقرة، الآية ٨٣.
(٢) الأعمال الكاملة للإمام الشيخ محمد عبده، تحقيق وتقديم د. محمد عمارة، مجلد ٤، ص ٢١٦، دار الشروق، القاهرة، ١٩٩٣ م.
(٣) مختصر تفسير ابن كثير، مجلد ١، ص ٨٤.
1 / 27