تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد
الناشر
المكتب الإسلامي
رقم الإصدار
الرابعة
مكان النشر
بيروت
تصانيف
تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد
بقلم محمد بن ناصر الدين الألباني
الطبعة الرابعة
المكتب الإسلامي
1 / 1
مقدمة الطبعة الثانية
1 / 2
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون﴾ (١) (﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا﴾ (٢) ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما﴾ (٣)
_________
(١) - سورة البقرة الآية ١٣٢
(٢) - سورة النساء الآية ١
(٣) - سورة الأحزاب الآية ٧٠
1 / 3
أما بعد فقد كنت طبعت آخر سنة (١٣٧٧) هجرية رسالة بعنوان " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " وكانت نسختي الخاصة من هذه الطبعة طيلة هذه المدة في متناول يدي كلما عثرت على فائدة زائدة تناسب موضوعها علقتها عليها رجاء ضمها إليها عند إعادة طبعها مزيدة ومنقحة وبذلك توفر عندي زيادات كثيرة هامة ولما طلب مني الأستاذ الافضل زهير الشاويش صاحب المكتب الاسلامي أن أقدمها إليه ليجدد طبعها افتقدتها فلم أجدها ولما يئست منها أرسلت إليه نسخة أخرى استعرتها من بعض أصحابي لتطبع كما هي على قاعدة: " ما لا يدرك كله لا يترك جله " وبينما كان أخي الاستاذ زهير الشاويش يعد العدة لطبعها إذ عثرت عليها بفضل الله تعالى وكرمه فبادرت بإرسالها إليه بعد تهذيبها وتهيئتها للطبعة الثانية
ولما كان لتأليف الرسالة المذكورة يؤمئذ ظروف خاصة وملابسات معينة اقتضت الحكمة أن يكون أسلوبها على خلاف البحث الهادئ والاستدلال الرصين ذلك أنها كانت ردا على أناس لم تعجبهم دعوتنا إلى الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح وخطة الأئمة الأربعة وغيرهم ممن اتبعوهم باحسان فبادؤونا بالتأليف والرد وليته كان ردا علميا هادئا إذن لقابلتهم بأحسن منه ولكنه لم يكن كذلك مع الأسف بل كان مجردا عن أي بحث علمي مملئا بالسباب والشتائم وابتكار التهم التي لم تسمع من قبل لذلك لم نر يؤمئذ أن من الحكمة السكوت عنهم وتركهم ينشرون رسائلهم بين الناس دون أن يكون لدى هؤلاء مؤلف يكشف القناع عما فيها من الجهل والتهم ﴿ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة﴾ (٤) لذلك كان لا بد من الرد عليهم بأسمائهم
وعلى الرغم من أنني لم أقابل اعتداءهم وافتراءهم بالمثل فقد كانت الرسالة على طابعها العلمي ردا مباشر عليهم وقد يكون فيها شئ من القسوة أو الشدة في الأسلوب في رأي بعض الناس الذين يتظاهرون بامتعاظهم من الرد على المخالفين المفترين ويودون لو أنهم تركوا دون أن يحاسبوا على جهلهم وتهمتهم للأبرياء متوهمين أن السكوت عنهم هو من التسامح الذي قد يدخل في مثل قوله تعالى ﴿وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما﴾ (٥) وينسون أو يتناسون أن ذلك مما يعينهم على الاستمرار على ضلالهم وإضلالهم للأخرين والله عزوجل يقول ﴿ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾ (٦) وأي أثم وعدوان أشد من اتهام المسلم بما ليس فيه بل بخلاف ما هو عليه ولو أن بعض هؤلاء المتظاهرين بما ذكرنا أصابه من الاعتداء دون ما أصابنا لسارع إلى الرد ولسان حاله ينشد:
_________
(٤) - سورة الأنفال الآية ٤٢
(٢) - سورة الفرقان الآية ٦٣
(٦) - سورة المائدة الآية ٢
1 / 4
ألا لا يجلهن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلين
أقول على الرغم من ذلك: فإنني لأرى أن طبع الرسالة من جديد على وضعها السابق ليس من ورائه فائدة تذكر لذلك كان لابد من حذف بعض التعليقات وتعديل قليل من العبارات مما يهذب من أسلوبها ويتناسب مع طبعتها الجديدة ولا ينقص من قيمتها العلمية وبحوثها المهمة
وقد كنت ذكرت في مقدمة الطبعة الأولى أن موضوع الرسالة ينحصر في أمرين هامين جدا:
الأول: حكم بناء المساجد على القبور
الثاني: حكم الصلاة في هذه المساجد
وإني آثرت البحث فيهما لأن بعض الناس خاضوا فيهما بغيرعلم وقالوا ما لم يقله قبلهم عالم لا سيما وأكثر الناس لا معرفة عندهم فيه مطلقا فهم في غفلة عنه ساهون وللحق جاهلون ويدعمهم في ذلك سكوت العلماء عنهم إلا من شاء الله وقليل ما هم خوفا من العامة أو مداهنة لهم في سبيل الحفاظ على منزلتهم في صدورهم متناسين قول الله ﵎ ﴿إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أؤلئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون﴾ (٧) وقوله ﷺ: " من كتم علما ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار ". (٨)
وكان من نتيجة هذا السكوت وذلك الجهل أن آل الأمر إلى ارتكاب كثير من الناس ما حرم الله تعالى ولعن فاعله كما سيأتي بيانه وليت الأمر وقف عند هذا الحد بل صار بعضهم يتقرب إلى الله ﵎ بذلك فترى كثيرا من محبي الخير وعمارة منهم ينفق أموالآ طائلة ليقيم لله مسجدا لكنه يعد فيه قبرا يوصي أن يدفن فيه بعد موته وآخر مثال أعرفه على ذلك وعسى أن يكون الأخير إن شاء الله هذا المسجد الذي هو في رأس شارع بغداد من الجهة الغربية بدمشق وهو المعروف ب " مسجد بعيرا " وفيه قبره وقد بلغنا أن الأوقاف مانعت في دفنه أول الأمر ثم لا ندري الأسباب الحقيقية التي حالت بينها وبين ما أرادت ودفن " بعيرا " في مسجده بل في قبلته وإنا لله وإنا إليه راجعون وهو المستعان على الخلاص من هذه المنكرات وأمثالها
_________
(٧) - سورة البقرة آية ١٥٩
(٨) - حديث حسن أخرجه ابن حبان في صحيحه رقم (٢٩٦) والحاكم (١ / ١٠٢) وصححه ووافقه الذهبي
1 / 5
ومنذ أيام قليلة توفي أحد المفتين من الشافعية فأراد ذووه ان يدفنوه في مسجد من المساجد القديمة شرقي دمشق فمانعت الأوقاف أيضا في ذلك فلم يدفن فيه ونحن نشكر الأوقاف على هذه المواقف الطيبة وحرصها على منع الدفن في المساجد راجين الله ﵎ أن يكون الحامل لها على هذا المنع هو رضاء الله عزوجل واتباع شريعته ليس هو اعتبارات أخرى من سياسية أو اجتماعية أو غيرها وأن يكون ذلك بداية طيبة منها في سبيل تطهير المساجد من البدع والمنكرات المزدحمة فيها لا سيما ووزير الأوقاف فضيلة الشيخ الباقوري له مواقف كريمة في محاربة كثير من هذه المنكرات وخصوصا بناء المساجد على القبور وله في هذا الموضوع كلام مفيد سيأتي نقله في المكان المناسب إنشاء الله تعالى
ومن المؤسف لكل مؤمن حقا أن كثيرا من المساجد في البلاد السورية وغيرها لا تخلو من وجود قبر أو أكثر فيها كأن الله ﵎ أمر بذلك ولم يلعن فاعله فكم تحسن الأوقاف صنعا لو حاولت بحكمتها تطهير هذه المساجد منها
ولست أشك أن ليس من الحكمة في شئ مفاجأة الرأي العام بذلك بل لا بد من إعلامه قبل كل شئ أن القبر والمسجد لا يجتمعان في دين الإسلام كما قال بعض العلماء الأعلام على ما سياتي وأن اجتماعهما معا ينافي إخلاص التوحيد والعبادة لله ﵎ هذا الإخلاص الذي من أجل تحقيقه تبنى المساجد كما قال تعالى ﴿وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا﴾ (٩)
(٩) - سورة الجن آية ١٨
1 / 6
أعتقد أن بيان ذلك واجب لا مناص منه ولعلي اكون قد وفقت للقيام به في هذه الرسالة فقد جمعت فيها الأحاديث المتواترة في النهي عن ذلك وأتبعتها بذكر مذاهب العلماء وأقوالهم المعتبرة التي تدل على ذلك وتشهد في الوقت نفسه على أن الأئمة رضي الله عن هم كانوا أحرص على اتباع السنة ودعوة الناس إلى اتباعها والتحذير من مخالفتها ولكن صدق الله العظيم القائل: ﴿فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا﴾ (١٠)
وهذه فصول الرسالة:
الفصل الأول: في أحاديث النهي عن اتخاذ القبور مساجد
الفصل الثاني: في معنى اتخاذ القبور مساجد
الفصل الثالث: في أن اتخاذ القبور مساجد من الكبائر
الفصل الرابع: شبهات وجوابها
الفصل الخامس: في حكمة تحريم بناء المساجد على القبور
الفصل السادس: في كراهة الصلاة في المساجد المبنية على
القبور
الفصل السابع: في أن الحكم السابق يشمل جميع المساجد إلا
المسجد النبوي
وفي تضاعيف هذه الفصول فصول اخرى فرعية تضمنت فوائد هامة نافعة إنشاء الله تعالى
وقد سميت الرسالة:
(تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد)
ذلك ما كنت كتبت في مقدمة الطبعة الأولى
وإني لأسأل الله ﵎ أن ينفع المسلمين بهذه الطبعة أكثر من سابقتها وأن يتقبلها مني وسائر عملي الصالح قبولا حسنا ويجزي القائم على طبعها خيرا. دمشق في ٢٣جمادى الأولى سنة ١٣٩٢ هـ
_________
(١٠) - سورة مريم آية ٥٩
محمد ناصر الدين الألباني
1 / 7
الفصل الأول
1 / 8
أحاديث النهي عن اتخاذ القبور مساجد
1 / 9
١ - عن عائشة رضي الله عن ها قالت: قال رسول الله ﷺ في مرضه الذي لم يقم منه:
لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد
قالت: فلولا ذاك أبرز (١١) قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا (١٢)
(١١) - أي كشف قبره ﷺ ولم يتخذ عليه الحائل والمراد دفن خارج بيته كذا في " فتح الباري "
فائدة: قول عائشة هذا يدل دلالة واضحة على السبب الذي من أجله دفنوا النبي ﷺ في بيته ألا وهو سد الطريق على من عسى أن يبني عليه مسجد فلا يجوز والحالة هذه أن يتخذ ذلك حجة في دفن غيره ﷺ في البيت يؤيد ذلك أنه خلاف الأصل لأن السنة الدفن في المقابر ولهذا قال ابن عروة في " الكوكب الدري " (ق ١٨٨ / ١ تفسير ٥٤٨):
والدفن في مقابر المسلمين أعجب إلى أبي عبد الله (يعني الإمام أحمد) من الدفن في البيوت لأنه أقل ضررا على الأحياء من ورثته وأشبه بمساكن الآخرة وأكثر للدعاء له والترحم عليه ولم يزل أصحابه والتابعون ومن بعدهم يقبرون في الصحارى
فإن قيل: فالنبي ﷺ قبر في بيته وقبر صاحبه معه؟ قلنا: قالت عائشة: إنما فعل ذلك لئلا يتخذ قبره مسجدا ولآن النبي ﷺ كان يدفن أصحابه بالبقيع وفعله أولى من فعل غيره وإنما أصحابه رأوا تخصيصه بذلك ولأنه روي:
يدفن الأنبياء حيث يموتون " وصيانة لهم عن كثرة الطراق تمييزا له عن غيره "
(٢) - رواه البخاري (٣ / ١٥٦ و١٩٨ و٨ / ١١٤) ومسلم (٢ / ٧٦) وأبو عوانة (١ / ٣٩٩) وأحمد (٦ / ٨٠ و١٢١ و٢٥٥) والسراج في " مسنده " (٣ / ٤٨ / ٢) عن عروة عنها
وأحمد (٦ / ١٤٦ و٢٥٢) والبغوي في " شرح السنة " (ج ١ ص ٤١٥) طبع المكتب الإسلامي عن سعيد بن المسيب عنها
وسنده صحيح على شرط الشيخين
1 / 10
ومثل قول عائشة هذا ما روي عن أبيها رضي الله عن هما فأخرج ابن زنجويه عن عمر مولى غفرة قال:
لما أئتمروا في دفن رسول الله ﷺ قال قائل: ندفنه حيث كان يصلي في مقامه وقال أبو بكر: معاذ الله أن نجعله وثنا يعبد وقال الاخرون: ندفنه في البقيع حيث دفن إخوانه من المهاجرين قال أبو بكر: إنا نكره أن يخرج قبر رسول الله ﷺ إلى البقيع فيعوذ به من الناس من لله عليه حق وحق الله فوق حق رسوله ﷺ فإن أخرجناه (الأصل: أخرناه) ضيعنا حق الله وإن أخفرناه () أخفرنا قبر رسول الله ﷺ قالوا: فما ترى أنت يا أبا بكر؟ قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: ما قبض الله نبيا قط إلا دفن حيث قبض روحه قالوا: فأنت والله رضي مقنع ثم خطوا حول الفراش خطا ثم احتمله على والعباس والفضل وأهله ووقع القوم في الحفر يحفرون حيث كان الفراش (١٣)
1 / 11
٢ - عن أبي هريرة رضي الله عن هـ قال: قال رسول الله ﷺ:
قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد
(١٤)
1 / 12
٣ - و٤ عن عائشة وابن عباس أن رسول الله ﷺ لما حضرته الوفاة جعل يلقي على وجهه طرف خميصة (١٥) له فإذا اغتم كشفها عن وجهه وهو يقول: " لعنة الله
(١٣) - قال ابن كثير: وهو منقطع من هذا الوجه فإن عمر مولى غفرة مع ضعفه لم يدرك أيام الصديق. كذا في (الجامع الكبير) للسيوطي (٣ / ١٤٧ / ١٢)
(٤) - رواه البخاري (٢ / ٤٢٢) ومسلم وأبوعوانة أبو داود (٢ / ٧١) وأحمد (٢ / ٢٨٤ و٣٦٦ و٣٩٦ و٤٥٣ و٥١٨) وأبو يعلى في " مسنده " (٢٧٨ / ١) والسراج والسهمي في " تاريخ جرجان " (٣٤٩) وابن عساكر (١٤ / ٣٦٧ / ٢) عن سعيد بن المسيب عنه ومسلم أيضا عن يزيد بن الأصم عنه. وأخرجه عبد الرزاق في " مصنفه " (١ / ٤٠٦ / ١٥٨٩) من الوجه الأول عنه ولكنه أوقفه
(١٥) - ثوب خز أو صوف معلم. كذا في " النهاية "
قلت: والمراد هنا الثاني لأن الخز هو الحرير كما هو المعروف الان وهو حرام على الرجال كما هو ثابت في النسة خلافا لمن يستحله ممن لا يقيم للسنة وزنا
على اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. تقول عائشة يحذر مثل الذي صنعوا " (١٦)
قال الحافظ ابن حجر: " وكأنه ﷺ علم أنه مرتحل من ذلك المرض فخاف أن يعظم قبره كما فعل من مضى فلعن اليهود والنصارى إشارة إلى ذم من يفعل فعلهم "
قلت: يعني من هذه الأمة وفي الحديث الآتي (٦) التصريح بنهيهم عن ذلك
فتنبه
1 / 13
٥ - عن عائشة رضي الله عن ها قالت: لما كان مرض النبي ﷺ تذاكر بعض نسائه كنيسة بأرض الحبشة يقال لها: مارية وقد كانت أم سلمة وأم حبيبة قد أتتا أرض الحبشة فذكرن من حسنها وتصاويرها قالت: [فرفع النبي ﷺ رأسه] فقال: " أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ثم صوروا تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله [يوم القيامة] " (١٧)
قال الحافظ ابن رجب في " فتح الباري ":
(١٦) - رواه البخاري (١ / ٤٢٢ و٦ / ٣٨٦ و٨ / ١١٦) ومسلم (٢ / ٦٧) وأبو عوانة (١ / ٣٩٩) والنسائي (١ / ١١٥) والدارمي (١ / ٣٢٦) وأحمد (١ / ٢١٨ و٦ / ٣٤ و٢٢٩ و٢٧٥) وابن سعد في " الطبقات " (٢ / ٢٥٨) . ورواه عبد الرزاق في " المصنف " (١ / ٤٠٦ / ١٥٨٨) عن ابن عباس وحده
(١٧) رواه البخاري (١ / ٤١٦ و٤٢٢) ومسلم (٢ / ٦٦ /) والنسائي (١ / ١١٥) وابن أبي شيبة في " المصنف " (٤ / ١٤٠ طبع الهند) وأحمد (٦ / ٥١ طبع المكتب الإسلامي) وأبو عوانة في " صحيحه " (١ / ٤٠٠٤٠١) والسياق له وابن سعد في " الطبقات " (٢ / ٢٤١) والسراج في " مسنده " (٤٨ / ٢) وأبو يعلى في " الطبقات " (ق. ٢٢٠ / ٢) والبيهقي (٤ / ٨٠) والبغوي (٢ / ٤١٥٤١٦)
هذا الحديث يدل على تحريم بناء المساجد على قبور الصالحين وتصوير صورهم فيها كما يفعله النصارى ولا ريب أن كل واحدج منهما محرم على انفراده فتصوير صور الآدميين يحرم وبناء القبور على المساجد بانفراده يحرم كما دلت عليه نصوص أخر يأتي ذكر بعضها قال
: والتصاوير التي في الكنيسة التي ذكرتها أم حبيبة وأم سلمة كانت على الحيطان ونحوها ولم يكن لها ظل فتصوير الصور على مثال صور الأنبياء والصالحين للتبرك بها والاستشفاع بها يحرم في دين الإسلام وهو من جنس عبادة الأوثان وهو الذي أخبر النبي ﷺ أن أهله شرار الخلق عند الله يوم القيامة وتصوير الصور للتأسي برؤيتها أو للتنزه بذلك والتلهي محرم وهو من الكبائر وفاعله من أشد الناس عذابا يوم القيامة فإنه ظالم ممثل بأفعال الله التي لا يقدر على فعلها غيره وأنه تعالى ليس كمثله شئ لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ﷾ "
ذكره في " الكواكب الدراري " (مجلد ٦٥ / ٨٢ / ٢)
قلت: ولا فرق في التحريم بين التصوير اليدوي والتصوير الآلي والفوتوغرافي بل التفريق بينهما جمود وظاهرية عصرية كما بينته في كتابي " آداب الزفاف " (ص ١٠٦١١٦ الطبعة الثانية طبع المكتب الإسلامي)
1 / 14
٦ - عن جندب بن عبد الله البجلي أنه سمع النبي ﷺ قبل أن يموت بخمس وهو يقول:
قد كان لي فيكم إخوة وأصدقاء وإني أبراء (١٨) إلى الله أن يكون لي فيكم
خليل وإن الله ﷿ قد اتخذني خليلا كما تخذ إبراهيم خليلا ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ألا [وإن] من كان قبلكم [كانوا] يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك
(١٩)
1 / 15
٧ - عن الحارث النجراني قال: سمعت النبي ﷺ قبل أن يموت بخمس وهو يقول:
ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك
(٢٠)
عن أسامة بن زيد أن رسول الله ﷺ قال في مرضه الذي مات فيه: " أدخلوا علي أصحابي "
فدخلوا عليه وهو متقنع ببردة معافري (٢١) [فكشف القناع] فقال: " لعن الله اليهود [والنصارى] اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " (٢٢)
1 / 16
٩ - عن أبي عبيدة بن الجراح قال: آخر ما تكلم به النبي ﷺ:
أخرجوا يهود أهل الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب واعلموا أن شرار الناس الذي اتخذوا (وفي رواية: يتخذون) (٢٣) قبور أنبيائهم مساجد
(٢٤)
1 / 17
١٠ - عن زيد بن ثابت أن رسول الله ﷺ قال: " لعن الله (وفي رواية: قاتل الله) اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " (٢٥)
1 / 18
٢٤ -
() ١٩ - رواه مسلم (٢ / ٦٧ ٦٨) وأبو عوانة (١ / ٤٠١) والسياق له والطبراني في " الكبير " (١ / ٨٤ / ٢) ورواه ابن سعد (٢ / ٢٤٠) مختصرا دون ذكر الإخوة واتخاذ الخليل
قال: ١٨ - أي امتنع من هذا وأنكره والخليل هو المنقطع إليه قيل: هو مشتق من الخلة بفتح الخاء وهي الحاجة وقيل: من الخلة بضم الخاء وهي تخلل المودة في القلب فنفى ﷺ أن تكون حاجته وانقطاعه إلى غير الله تعالى. " شرح مسلم " للنووي
(٢٠) - رواه ابن أبي شيبة (ق ٢ / ٨٣ / ٢ وط ٢ / ٣٧٦) وإسناده صحيح على شرط مسلم
(٢١) - برود باليمن منسوبة إلى معافر وهي قبيلة باليمن. " نهاية "
(٢٢) - رواه الطيالسي في مسنده (٢ / ١١٣ من ترتيبه) وأحمد (٥ / ٢٠٤) والطبراني في " الكبير " (ج ١ ق ٢٢ / ١) وسنده حسن في الشواهد وقال الشوكاني في " نيل الأوطار " (٢ / ١١٤) " سنده جيد " وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (٢ / ٢٧) " رجاله موثقون "
(٢٣) - وبين الروايتين فرق ظاهر فالرواية الأولى تعني ناسا تقدموا وهم اليهود والنصارى كما في الأحاديث المتقدمة والرواية الأخرى تعني من يسلك سبيلهم من هذا الأمة ويؤيدها الأحاديث (٦، ٧، ١٢)
(٢٥)
رواه أحمد (٥ / ١٨٤، ١٨٦) ورجاله ثقات غيرعقبة بن عبد الرحمن هو ابن أبي معمر وهو مجهول كما في " التقريب " ولا تغتر بقول الهيتمي (٢ / ٢٧): " رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال موثقون " ما فعل الشوكاني فإنه قال (٢ / ١١٤) " وسنده جيد " وذلك لأن قوله " موثقون " دون قوله " ثقات " فإن قولهم " موثقون " إشارة منهم إلى أن بعض رواته ليس توثيقه قويا فكأن الهيثمي يشير إلى أن عقبة هذا إنما وثقه ابن حبان فقط وأن توثيق ابن حبان غير موثوق به والله أعلم
وكون توثيق ابن حبان لا يوثق به مما لا يرتاب فيه المتضلعون في هذا العلم الشريف وقد فصلت القول في ذلك في ردي على رسالة " التعقب الحثيث " للشيخ عبد الله الحبشي وقد نشر في التمدن الإسلامي في مقالات متتابعة ثم نشر في رسالة مستقلة تحت عنوان " الرد على التعقب الحثيث " فراجع (ص ١٨ ٢١) . على أن قول القائل في حديث ما " رجاله ثقات " أو " رجاله رجال الصحيح " فليس معناه أن إسناده صحيح كما بينته في غير هذا الموضع فانظر مثلا " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (طج ٢ ص ٥ طبع المكتب الإسلامي) لكن الحديث صحيح لشواهده المتقدمة
1 / 19
وله عنده (٢ / ٢٤١) شاهد من حديث أبي أمامة وله شاهد ثان أخرجه الطبراني عن كعب بن مالك بسند لا بأس به كما قال ابن حجر الهيتمي في " الزواجر " (١ / ١٢٠) وضعفه الحافظ نور الدين الهيثمي في " مجمع الزوائد " (٩ / ٤٥)
1 / 20