تحذير أهل الأيمان عن الحكم بغير ما أنزل الرحمن
الناشر
الجامعة الإسلامية
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٠٧هـ
مكان النشر
المدينة المنورة
تصانيف
تطؤون الزروع بدوابكم، والفساد محرم عليكم في كتابكم. قلت: يفعل ذلك جهالنا. قال: فلم تلبسون الديباج والحرير وتستعملون الذهب والفضة وهو محرم عليكم. فقلت: زال عنا الملك وقل أنصارنا فانتصرنا بقوم من العجم دخلوا في ديننا فلبسوا ذلك على الكره منا. فأطرق مليا، وجعل يقلب يده، وينكث في الأرض، ثم قال: ليس ذلك كما ذكرت، بل أنتم قوم استحللتم ما حرم عليكم، وركبتم ما عنه نهيتم، وظلمتم فيما ملكتم، فسلبكم الله تعالى العز وألبسكم الذل بذنوبكم، ولله تعالى فيكم نقمة لم تبلغ نهايتها، وأخاف أن يحل بكم العذاب وأنتم ببلدي فيصيبني معكم، وإنما الضيافة ثلاث فتزودوا ما احتجتم إليه وارتحلوا عن بلدي ففعلت ذلك اهـ.
وفي هذه الحكاية مقنع وكفاية لمن رزقه الله الهداية وجنبه طريق الغواية. وفيما رأيتم وسمعتم به مما جرى بأولئك الظالمين المستبدين. الخاسرين الأبعدين أكبر عبرة لمن اعتبر. وتبصرة لمن تبصر قال الشاعر:
ما مر يوم على حي ولا ابتكرا١ ... إلا رأى عبرة فيه إن اعتبرا
ولنرجع الآن لذكر بقية الآيات التي نحن بصددها فنقول وقال تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ﴾
_________
١ في القاموس بكر عليه وإليه بكورا وبكر وابتكر وأبكر وباكرة أتاه بكرة اهـ
1 / 38