84

ورثة الأنبياء

الناشر

دار القاسم

تصانيف

آنذاك مال في جيبه، فانطلق إلى مدينته همدان، فلما وصلها عرض دارًا له للبيع فبلغت ستين دينارًا، فقال: بيعوا، فقيل له: لو انتظرت يومًا أو يومين فستبلغ قيمة الدار آلافًا، والدار تساوي أكثر من ستين دينارًا، فرفض وقال: بيعوها، فباعوها بستين دينارًا وهي تساوي آلافًا، ثم رجع إلى بغداد فدفع ثمن الكتب وأخذها إلى بيته وما علم بحاله أحد. أخي القارئ .. لقد قدموا غذاء الفكر على غذاء البطن، ولكن إذا لم يجدوا للبطن شيئًا ماذا يفعلون؟ ! وكيف نحن اليوم في ظل رغد العيش وبحبوحة الرزق؟ ! قال محمد بن طاهر: لما رحلت لطلب العلم أقمت بتنيس مدة، ونفذت نفقتي هناك، ولم يبق معي إلا درهم واحد، وكنت محتاجًا إلى خبز لأسد به جوعي، وإلى ورق لأكتب عليه الحديث، فإن صرفته للخبز فاتني ورق الكتابة، وإن صرفته للكتابة فاتني الخبز، فبقيت ثلاثة أيام بلياليهن مترددًا لم أذق فيها طعامًا، فلما كان بكرة اليوم الرابع، قلت لنفسي: لو كان معي ورق ما استطعت أن أكتب فيه، لما بي من الجوع والتعب، فعزمت على أن أشتري به خبزًا، فذهبت إلى السوق وجعلت الدرهم في فمي، فبينا أنا أسير إلى السوق إذ بلعت الدرهم بدون شعور مني، فلما شعرت بذلك جعلت أضحك كثيرًا، فلقيني أحد أصدقائي فسألني: ما يضحكك؟ فأبيت أن أخبره، فألح علي فأخبرته الخبر، فأخذني إلى منزله وأطعمني؛ ثم

1 / 87