(*) تعلمون أنكم أخطأتم في خذل عثمان يوم الدار، وقتلتم أنصاره يوم الجمل وأقحمتم خيولكم على أهل الشام بصفين، فلو كنتم إذ خذلتم عثمان خذلتم عليا لكانت واحدة بواحدة، ولكنكم خذلتم حقا ونصرتم باطلا، ثم لم ترضوا أن تكونوا كالناس حتى أعلمتم في الحرب ودعوتم إلى البراز، ثم لم ينزل بعلى أمر قط إلا هونتم عليه المصيبة، ووعدتموه الظفر.
وقد أخذت الحرب منا ومنكم ما قد رأيتم.
فاتقوا الله في البقية.
فضحك قيس ثم قال: ما كنت أراك يا نعمان تجترئ على هذه المقالة، إنه لا ينصح أخاه من غش نفسه، وأنت والله الغاش الضال المضل.
أما ذكرك عثمان فإن كانت الأخبار تكفيك فخذها منى، واحدة قتل عثمان من لست خيرا منه، وخذله من هو خير منك.
وأما أصحاب الجمل فقاتلناهم على النكث.
وأما معاوية فو الله أن لو اجتمعت عليه العرب [ قاطبة ] لقاتلته الأنصار.
وأما قولك إنا لسنا كالناس، فنحن في هذه الحرب كما كنا مع رسول الله، نتقى السيوف بوجوهنا، والرماح بنحورنا، حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون، ولكن انظر يا نعمان هل ترى مع معاوية إلا طليقا أو أعرابيا أو يمانيا مستدرجا بغرور.
انظر أين المهاجرون والأنصار والتابعون بإحسان، الذين رضى الله عنهم، ثم انظر هل ترى مع معاوية غيرك وصويحبك، ولستما والله ببدريين [ ولا عقبيين ] ولا أحديين، ولا لكما سابقة في الإسلام ولا آية في القرآن.
ولعمري لئن شغبت علينا لقد شغب علينا أبوك ".
وقال قيس في ذلك: والراقصات بكل أشعث أغبر * خوص العيون تحثها الركبان
ما ابن المخلد ناسيا أسيافنا * في من نحاربه ولا النعمان (1)
__________
(1) ابن المخلد يعنى به مسلمة بن مخلد الآنصارى.
وفي الأصل: " عمن تحاربه " والوجه ما أثبت.
والمقطوعة لم ترد في مظنها من ح.
صفحة ٤٤٩