326

فضحك عمار وقال: هل يسرك ذلك ؟ قال: قلت نعم.

قال أبو نوح: أخبرني [ الساعة ] عمرو ابن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه يقول: " عمار يقتله الفئة الباغية ".

قال عمار: أقررته بذلك ؟ قال: نعم أقررته فأقر.

فقال عمار: صدق، وليضرنه ما سمع ولا ينفعه.

ثم قال أبو نوح لعمار - ونحن اثنا عشر رجلا -: فإنه يريد أن يلقاك.

فقال عمار لأصحابه: اركبوا.

فركبوا وساروا ثم بعثنا إليهم فارسا من عبد القيس يسمى عوف بن بشر، فذهب حتى كان قريبا من القوم، ثم نادى: أين عمرو ابن العاص ؟ قالوا (1): هاهنا.

فأخبره بمكان عمار وخيله.

قال عمرو: قل له فليسر إلينا.

قال عوف: إنه يخاف غدراتك.

فقال له عمرو: ما أجرأك على وأنت على هذه الحال ! فقال له عوف: جرأنى عليك بصيرتي فيك وفي أصحابك، فإن شئت نابذتك [ الآن ] على سواء، وإن شئت التقيت أنت وخصماؤك، وأنت كنت غادرا (2).

فقال له عمرو: ألا أبعث إليك بفارس يواقفك ؟ فقال له عوف: ما أنا بالمستوحش، فابعث بأشقى أصحابك.

قال عمرو: فأيكم يسير إليه ؟ فسار إليه أبو الأعور، فلما تواقفا تعارفا فقال عوف لأبى الأعور: إنى لأعرف الجسد وأنكر القلب، إنى لا أراك مؤمنا، وإنك لمن أهل النار.

فقال أبو الأعور: لقد أعطيت لسانا يكبك الله به على وجهك في نار جهنم.

فقال عوف: كلا والله إنى أتكلم أنا بالحق، وتكلم أنت بالباطل، وإنى

__________

(1) في الأصل: " قال " صوابه في ح.

(2) الكلام بعد لفظة " سواء " إلى هنا لم يرد في ح.

صفحة ٣٣٦