فليتك سامع ماذا تقول
تناجي منك حاميها المرجى
وصولتها إذا قامت تصول
ومع ذلك فالظاهر أن ولي الدين يكن لم يكن يناصر الإنجليز؛ إلا لأنهم يحمونه من عسف الأتراك، ولم يكن كشاعر آخر هو نسيم الذي كان يمدحهم ويذود عنهم طمعا في مغانم الحياة؛ وذلك لأن ولي الدين يكن كان رجلا أبيا عفيف النفس ذا كبرياء، وقد خاصم السلطان عبد الحميد الثاني خصومة عنيفة لا هوادة فيها ولا رفق، وتحمل في شجاعة الذل والفقر والشقاء طوال حياته، وبخاصة أيام نفيه في سيواس على نحو ما نطالع في بعض فصول كتابه «المعلوم والمجهول».
والظاهر أن بغض ولي الدين لعبد الحميد كان من ذلك النوع العنيف الجامح الذي لا تهدأ له ثائرة، والذي قد يغشي البصيرة، ويسوق إلى التماس كافة السبل لإرضاء ذلك البغض، حتى لنراه يستمر في بغضه وهياجه ضد عبد الحميد بعد عزله، كما نراه يغضب من شوقي؛ لأنه رثى لحال عبد الحميد، وأبدى أسفه لعزله عن الخلافة في قصيدته التي مطلعها:
سل يلدزا ذات القصور
هل جاءها نبأ البدور
ثم يقول:
شيخ الملوك وإن تضع
ضع في الفؤاد وفي الضمير
صفحة غير معروفة