لكن قومي وإن كانوا ذوي عدد
ليسوا من الشر في شيء وإن هانا
يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرة
ومن إساءة أهل السوء إحسانا
كأن ربك لم يخلق لخشيته
سواهم من جميع الناس إنسانا
فليت لي بهم قوما إذا ركبوا
شدوا الإغارة فرسانا وركبانا»
وليس من شك في أن استشهاده بهذه الأبيات ينم في ذاته عن مدى تعصبه للحرية، وكرهه للظلم والاضطهاد، وهي أبيات جاهلية الروح تنطق بالحكمة الجاهلية المأثورة: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما»، وهي روح تخالف روح التسامح التي كان يدعو إليها ولي الدين يكن، بل لكأننا به يود أن لو تكتل الأرمن وتعصبوا ليفتكوا بمن أخذ يذبحهم من مسلمي الأتراك والأكراد . ولا عجب فإن ولي الدين كان يتعصب للحرية وضد الظلم والاضطهاد، أكثر مما يتعصب لأي شيء آخر كوحدة الدين أو وحدة العنصر أو الجنس أو غيرها.
وهو يبرر دفاعه عن الأرمن وثورته لمذابحهم بقوله: «هناك أناس يقولون لنا: إن الأرمن أعداء لنا، ويزعمون أنهم هم المعتدون دائما، وأن المسيحيين لا يخلصون للمسلمين ودا، ولا يصفون لهم سريرة، وينعتونهم لنا بالكافرين وأهل النار، وغير ذلك من كلام الجهل والجنون، وبسطاؤنا يصدقون هذه الباطلات، حسن ظن منهم بقائليها، ولبعدهم عن مواضع العلم وفهم الحقائق، فإذا ذكرت لهم تلك الفظائع لم تهز منهم موضعا من قلب، ومنتهى إنصافهم أن يقولوا: إن الأرمن جنوا على أنفسهم.»
صفحة غير معروفة