17
ويقدم المعلم الفالنتيني الآخر، هيركاليون، تفسيرا رمزيا للكنيسة باعتبارها بنية مؤلفة من قسمين: الأول عبارة عن باحة خارجية يتعبد فيها القويمون، والثاني عبارة عن حرم داخلي يتعبد فيه الروحانيون الذين تلقوا الغنوص.
18 (1) الغنوص: معرفة النفس
جاءت تسمية الغنوصية
Gnosticism
من الكلمة اليونانية
Gnosis ، التي تعني المعرفة الحدسية الباطنية، أو العرفان بمصطلح التصوف الإسلامي، والعارفون هم الغنوصيون
Gnostics ، الذين يتواصلون من خلال بصيرتهم الداخلية مع الحقيقة الكلية، أما خصومهم فهم غير العارفين الذين وقفوا عند ظاهر التعاليم الدينية ولم ينفذوا إلى باطنها، فإذا كان الخلاص عند اليهود يتأتى عن طريق الالتزام بالشريعة وعند المسيحيين القويمين، من خلال الإيمان بيسوع المسيح، فإن الخلاص عند الغنوصي يتأتى عن طريق فعالية روحانية داخلية، تقود إلى معرفة النفس، ومعرفة النفس تقود إلى معرفة الطبيعة الإنسانية ومصير الإنسان، وفي أعمق مستوياتها تقود إلى معرفة الله، ذوقا وكشفا وإلهاما، عند ذلك يمكن تحرير الروح الحسية في إطار الجسد المادي والعالم المادي الأوسع، لتعود إلى العالم النوراني الذي صدرت عنه، يقول المعلم الغنوصي ثيودوتس: «إن الغنوصي هو الذي يتوصل إلى فهم من نحن، وما الذي صرنا إليه، وأين كنا، وإلى أن نسعى، ومن ماذا علينا أن نتخلص، ما هو الميلاد، وما هو الميلاد الثاني.»
19
ويقول المعلم مونويموس: «اترك التفتيش عن الله والبحث في مسائل الخلق والتكوين وما إليها، لمعرفة الله ابدأ بنفسك، واهتد إلى من في داخلك يقول: إلهي، وعقلي، وأفكاري، وروحي، وجسدي، اهتد إلى مصدر الأحزان، والغبطة، والحب والكراهية ... فإذا استقصيت هذه الأمور فإنك واجده (الله) في ذاتك.»
صفحة غير معروفة