والتحرير مظهر من مظاهر الكمال الإنساني. فقد نذرت مريم ما في بطنها لله محررا أي خالصا كاملا،
إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا ، وهو ما يقصده اللاهوت المسيحي بأنه مخلص من الخطيئة. فهو كلمة الله وروح منه، خال من غواية الشيطان. فالمسيح نموذج المتحرر من أهواء البشر وانفعالاتهم خالصا لوجه الله.
وقد تأتي صورة «فك رقبة» دون لفظ تحرير، ولكنها تعني نفس الشيء. فالعقبة هي فك رقبة، اجتياز مانع، مانع العبودية،
وما أدراك ما العقبة * فك رقبة . وصورة الأسير أنه «في الرقاب» يستحق الصدقة مثل المساكين وابن السبيل والسائلين،
ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب . فالأسير له حق حسن المعاملة، الطعام والشراب والإيواء، وليس التعذيب والتجويع والإيذاء. الأسرى تتكفل بهم الدولة مثل الموظفين فيها والمؤلفة قلوبهم،
إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب ، وهو ما تنص عليه المواثيق الدولية لحقوق الأسرى وحمايتهم.
وفي السجون الإسرائيلية أحد عشر ألف أسير فلسطيني بلا حقوق. وفي معسكر الاعتقال الأمريكي جوانتانامو مئات من المعتقلين السياسيين بلا محاكمة، وفي سجون كثير من الدول مسجونون سياسيون بلا حقوق. فمتى تفك رقابهم تكفيرا عما يقوم به سجانوهم من آثام التعذيب والاعتقال بلا محاكمة ولا دفاع؟ فقد تحول الرق الآن من المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي، من الرق بمعنى العبودية نتيجة للملكية إلى العبودية بمعنى استرقاق الأفراد في السجون واسترقاق الشعوب بالغزو. وكلاهما يفيد معنى فقدان الحرية وإن اختلفت الوسائل، الملكية أو الطغيان. (6) العداوة والعدوان
نظرا للخلافات العربية العربية التي تصل أحيانا إلى الاشتباكات المسلحة يبرز سؤال: إلى أي حد يجوز عدوان العربي على العربي، والمسلم على المسلم؟ وقد تكرر لفظ «عدو» في القرآن الكريم مائة وواحد مرة أكثر من ألفاظ المصالحة والأخوة في ثمانية معان مختلفة.
الأول:
العدوان في السبت، تجربة اليهود السابقة. فقد أخذ الله منهم ميثاق عدم العدوان في السبت واحترامه باعتباره علامة على طاعة الله،
صفحة غير معروفة