ولهذه الطفلة التي أبغضها غرام عجيب بتعقب آثار الكتاب والشعراء والمؤلفين، وقد أرغمتني سامحها الله على أن أقدم إليها جميع الجرائد العراقية، فتكلفت في ذلك ما تكلفت، وكنت أحسب أني سأشغلها يوما أو يومين ثم هالني أن تستوعب ذلك المحصول كله في نصف ساعة، وأن ترهقني في بقية السهرة بنقد صحافة العراق.
والآنسة آمال نحيفة جدا، وربما كان السبب في ذلك أنها قضت أربعا وعشرين ساعة في طريقها من الشام إلى العراق فسرقت نحافة الجسم من غزلان الصحراء.
والعجيب من أمر هذه الآنسة أن تكون من أعضاء المؤتمر الطبي، فهل رأيتم أغرب من ذلك؟
فماذا تريد أن تصنع؟ هل تشترك في الطب للأكباد والقلوب؟
أحب أن أعرف ماذا تصنع هذه الفتاة في المؤتمر الطبي وقد كوت كبدي، كوته بالغيظ لا بالحب، فلست من المجانين حتى تفتنني فتاة لا تملك غير قوة الذكاء وحلاوة الحديث، وإن شهدت ملامحها بأنها ستكون من غرائب الجمال.
أما بعد، فقد آذتني تلك الآنسة أعنف إيذاء، حين رفضت أن تعطيني صورتها، فلتعرف الآن أني أكرم منها وأسمح لأني أقدم إليها صورتها بلا ثمن، وكل ما أرجوه أن تغتابني في حضرة أبيها، لأني أحب أن أذكر عنده ولو بملام.
آمال، آمال
لا تغضبي ولا تعتبي، فلن تفرغي من دروسك العالية في كلية الحقوق ولن تبلغي مبالغ النساء حتى يكون اسمي «بابا زكي» وأنا منذ اليوم «بابا» له زوجة وخمسة أبناء.
فيا أيتها الفتاة الغالية، ويا قرة العين لرجل هو أكرم أساتذتي وأعز أصدقائي، تذكريني حين تعودين إلى الجامعة المصرية، تذكري أني أحب أن أقبل تلك الجدران، وأني أتشهي أن أكحل عيني بتراب الجيزة والزمالك، تذكري يا آمال أن الدمع يفيض من عيني كلما تذكرت أن لي طفلة لها وجه مثل وجهك الجذاب، ولها جبين مثل جبينك المشرق، وفي شمائلها عناد مثل عنادك المحبوب، تذكري أيتها الفتاة أنني رأيت وجه مصر الغالية حين رأيت وجهك الغالي، تذكري أنني عذرت أباك حين رأيته يعطيك طاعة المحب لمن يحب، فلي أبناء كنت عند هواهم في جميع الأحوال.
اعذريني أيتها الآنسة النبيلة إذا قدمت صورتك لجريدة عراقية فمن الخير للمرء أو المرأة أن يذكر ولو بالشر في أرض العراق حفظك الله لوالديك، ورعى إخوتك الأعزاء، والسلام.
صفحة غير معروفة