بين الماهوية كموقف فلسفي والماهوية كاعتقاد شعبي؛ فالأولى تتناول طبيعة العالم الموضوعي ويعنيها ما إذا كانت الماهيات قائمة في العالم أم لا (سؤال ميتافيزيقي)؛ أما الثانية فتتناول طبيعة تمثلات الناس للعالم وتجتنب إلى حد كبير السؤال الميتافيزيقي، ويمكن أن تتمثل في المنظومات الاعتقادية الدارجة (الماهوية السيكولوجية)، وفي اللغة (الماهوية الاسمية)، وفي الممارسات الثقافية (الماهوية الثقافية).
وتفرق جلمان بين الماهية التصنيفية والماهية العلية والماهية المثالية. أما الماهية التصنيفية
sortal essence
فهي مجموعة الخصائص المميزة التي يشارك فيها جميع (وفقط) أعضاء الفئة. وهي الماهية كما حصرها تمييز أرسطو بين الخواص الجوهرية (الماهوية) والخواص العرضية، حيث الخواص الجوهرية تشكل الماهية؛ مثال ذلك: أن ماهية الجدة هي خاصة كونها أم الأم (أو الأب) وليس كونها تتخذ نظارة أو أن شعرها أشيب إلى غير ذلك من الخواص العرضية.
أما الماهية العلية
causal essence
فهي الجوهر أو القوة أو الكيفية أو العملية أو العلاقة أو الكيان الذي يسبب الخواص المميزة للفئة ويجعلها تظهر وتدوم ويمنح الشيء هويته. ولعل فقرة جون لوك الشهيرة في «مقال يتعلق بالفهم الإنساني» خير تصوير للماهية العلية . يقول جون لوك: «الماهية هي الوجود نفسه بالنسبة لأي شيء من الأشياء ، الذي به يكون الشيء ما هو. وهكذا فإن التكوين الحقيقي الداخلي للأشياء، والمجهول رغم ذلك في عامة الأحوال، والذي تعتمد عليه صفاتها القابلة للكشف، يمكن أن يسمى ماهيتها.»
تستخدم الماهية العلية لتفسير الخواص الملاحظة لأعضاء الفئة. وإذا كانت الماهية التصنيفية يمكن أن تنطبق على أي كيان (الأقلام وسلال المهملات والنمور كلها فئات لها خواص معينة قد تكون «ماهوية» أي حاسمة لتحديد عضوية الفئة)، فإن الماهية العلية لا تنطبق إلا على الكيانات التي فيها خواص باطنة خفية تحدد الكيفيات الملاحظة. مثال ذلك: أن ماهية الماء قد تكون شيئا من قبيل
H
2
صفحة غير معروفة