غير أن هذه المزايا المقدرة ينبغي ألا تعمينا عن العيوب وعن أوجه القصور في التقسيمات المرضية المعاصرة؛ فالطب النفسي اليوم في تحول دائب، والكشوف الجديدة في علم الأعصاب والجينات قمينة أن تتحدى عاجلا الكثير من دعائمه النظرية الحالية، وبخاصة تلك التي تتعلق بالتسبيب وبتعريف الاضطرابات النفسية، والعلاجات الجديدة التي تستهدف منظومات وظيفية بعينها في الدماغ سوف تتطلب منه تقسيما أفضل تمييزا للشرائح الإكلينيكية المستفيدة.
في ضوء ذلك أخذ يتضح لنا كل يوم أن «صدق»
validity
المفاهيم التشخيصية المودعة بإجلال في التقسيمات المعاصرة للاضطرابات النفسية لا يمكن أن تؤخذ على علاتها. إن علينا اليوم - وقد حققنا درجة جيدة من «ثبات» (عول)
reliability
التشخيصات - أن نلتفت إلى مشكلة «الصدق».
1
فالثبات ليس غاية المراد في العمل العلمي. «الثبات» ليس شرطا كافيا
sufficient condition
ل «الصدق»، والثبات لا يضمن الصدق (مثلما نميل إلى الاعتقاد)؛ فليس ما يمنع أن يكون شيء ما خاطئا على نحو «ثابت»، افترض أن ميزانا يبتعد مؤشره عن الصفر بخمسة كيلوجرامات. إنني سأسجل وزني عليه دائما بزيادة خمسة كيلوجرامات عن الحقيقة. فهل القياس متسق؟ نعم، ولكنه اتساق الخطأ. وهل القياس صحيح؟ كلا. إنه غير صحيح على نحو ثابت، إنه خاطئ ثابت الخطأ.
صفحة غير معروفة