============================================================
الوحيد في سلوك أهل التوحيد لا تب فيه ولا نصب.
ولأن الشرائع تأني بما وراء العقول، والوحى يأتي بالغيبيات، وكذلك قسم الميرات وعدد ركعات الصلوات والطواف بالبيت وتقبيل الحجر الأسود وإخبار النبي بالنساء الكاسيات العاريات من ذلك الزمان، وكذلك عما وقع في طول مدة الحياة، وما بعد الممات، وما يؤول إليه الحال والاستقرار في النيران والجنان، وما نطق به القرآن العظيم من أنواع المحاسبات والجزاء على الحسنات والسيئات من النعيم واللذات أو الجحيم والعقوبات، وهذا كله غيث يجب الإيان به والدخول تحت حكمه وامتثال أمره واجتناب يه.
وللولي حصته من ميراث رسول الله على قدر تبعيته ونصيبه وقسمته من الأقوال والأفعال والتجليات والأحوال والوجدان والعرفان إذ العلماء ورثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولا يصخ ميراث الأنبياء من الأموال فإنه قال: "تحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة( الم فلزم أن يكون الميراث فيما تقدم ذكره من أقواله وأفعاله وأحواله ومكاشفاته وتحلياته ووحدانه لقوله تعالى: إنما يخشى الله من عباده العلماء) [فاطر: 28].
فحيث وجدت الخشية أطلق هذا الاسم وإلا فلا، ولذلك استحق هذا الاسم أهل العلم بالله تعالى لوجود الخشية فيهم، وعدمها من غيرهم ممن يقصد التقدم على الأقران والارتفاع في المحالس والتكالب على الدنيا وأخذ الخطام من غير وجهه والمنازعة لغيره في المناصب الدنيوية والمخاصمة على العلو في المحالس وترويج الكلام على من يقول الحق في جواب المسألة، خشية أن يتقدم عليه، فهذا كله يزيل الخشية، بل العلم ضد ذلك كله، ألا ترى قوله تعالى: { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوأ في الأرض ولا فسادا والعاقبة للميقين} [القصص: 83].
ونحن نسأل الله العظيم التوبة من ذلك، فإنا والله لا ثريد الفساد في الأرض ولا نريد الإهانة فيها فإن كان ذلك هو العلو فقد خسرنا، ونسأل الله تعالى الإقالة بمنه (1) رواه البخاري (1480/4)، ومسلم (1380/3).
صفحة ١٣