صلى الله على هذا النبي الكريم سيدنا محمد وعلى آله وصحابته صلاة دائمه يضوع عرفها بتربته، ويضيء عرفها لقلوب أمته، وسلم وشرف وعظم، وبعد: فيقول العبد الذليل الواثق بجود الجليل علي بن عبد الله بن أحمد الحسيني الشافعي السمهودي، نزيل الحبيبة المحبة، سقاه الله كاسات المحبة، لما نزلت طابة بجوار من شرف الله جنابه، تولع خاطري، وولع ناظري، بالوقوف على أخبار دار الهجرة الشريفة، والروضة المنيفة، والحجرة المؤسسة الحاوية القبور المقدسة، فرأيت أمرا قضيت منه عجبا وملأ القلب لهبا، وذلك أن عامة تواريخ المدينة الشريفة التي وقفت عليها تواطأت على أن المسجد الشريف النبوي لما احترق سنة أربع وخمسين وستمائة سقط من سقفه ما كان على أعلى الحجرة المقدسة فوقع على سقف بيت النبي صلى الله عليه وسلم فوقعا جميعا على القبور المقدسة، ثم لما ابتدأوا بالعمارة قصدوا إزالة ماوقع على القبور المقدسة فلم يجسروا على ذلك وتركوه على ما هو عليه، كما ستأتي الإشارة إليه، ثم كاتبوا الخليفة في هذا الأمر فلم يرد منه جواب لاشتغاله بأمر التتار، ثم قتل عقيب ذلك وطوى بساط الخلافة بعده من هنالك، كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى، فتأملت في ذلك مدة مديدة، سائلا الله تعالى أن يمنحني توفيقه وتسديده، فظهر لي أن بقاء ما سقط من الهدم بذلك المحل العظيم، من الخطأ الجسيم، وأنه خلاف الصواب، وما تشهد به السنة والكتاب، مع منافاته لما مضى عليه السلف من ذوي الألباب فنبهت على ذلك في كتابي الموسوم ب (دفع التعرض والإنكار، لبسط روضة المختار) وبسطت القول في ذلك بعض البسط، فاستخرت الله تعالى في إيراد ذلك ما حضرني من الزيادات بتأليف، راجيا من الله تعالى أن يكون سببا في تنظيف ذلك المحل الشريف، ورتبته على ثلاثة أبواب وخاتمة، سائلا من الله تعالى حسن الخاتمة.
الباب الأول فيما ذكره المؤرخون في سبب الحريق المذكور وكيفيته وما اتفق بسببه وبيان عدم إزالة ما أصاب المحل الجليل المقدار، وما أبدوه في ذلك من الأعذار، وذكر إعادة سقف المسجد وكيفية ما حصل على ما يحاذي الحجرة الشريفة، والطابق الذي يتوصل منه إليها بالقبة المنيفة وغير ذلك مما يتعلق بها
الباب الثاني في بيان وجوب إزالة ما أصاب ذلك المحل المقدس بالدليل الواضح، والاستشهاد عليه بفعل السلف الصالح، والكلام على حياة الأنبياء، صلوات الله وسلامهم عليهم في قبورهم.
الباب الثالث في بيان حال جماعة سكان المدينة الشريفة في ذلك الزمان، وما خصت به تلك الجماعة لجرمها من ظهور النيران، التي لم يسمع بمثلها، ليبطل التمسك بفعلها، وبسط ما اتفق ببغداد ليظهر عذر أهلها.
الخاتمة
...في أمور أخرى يتعين التنبيه عليها تتعلق بالمسجد الشريف، ومصلى العيد المنيف، وسميته (الوفا بما يجب لحضرة المصطفى) صلى الله وسلم عليه، وجعله سببا لاتخاذ اليد البيضاء لديه.
صفحة ٩٦