...وفي كلام ابن فرحون ما يقتضي أنه عمل إلى جانب هذا الدرابزين مقصورة في الجهة الغربية ثم أزيلت، ولفظه: وقد تساهل من كان قبلنا فزادوا على الحجرة الشريفة مقصورة كبيرة عملت وقاية من الشمس إذا غربت فكانت بدعة وضلالة يصلي فيها الشيعة لأنها قطعت الصفوف، واتسمت بمن ذكر من الصنوف، وندم على ذلك واضعها، ولقد كنت أسمع بعضهم يقف على بابها ويؤذن بأعلى صوته، حي على خير العمل.
وكانت مواطن تدريسهم وخلوة علمائهم، حتى قيض الله لها من سعى فيها فأصبحت ليلة متخلعة أبوابها، مقوضة أخشابها، متصلة صفوفها، وأدخل بعضها في الحجرة الشريفة، يعني ما اشتمل عليه الدرابزين المذكور، وجعل فيها الباب الشامي، وكان ذلك مع زيادة الرواقين الذين زادهما الملك الناصر، وهذه المقصورة كانت فيما يلي أسطوانة الوفود، وفي طرفها الرواقين المتقدم ذكرهما مما يلي الحجرة الشريفة كما ذكره لي بعض أشياخ المدينة نقلا عمن أدركه، ولا ذكر لهذه المقصورة في كلام أحد ممن وقفت عليه من المؤرخين سوى ما قدمته عن ابن فرحون.
وقد اقتصر العلامة المطري في وصف الدرابزين المذكور على ما فعله الملك الظاهر أن ما فعله تعظيما للحجرة الشريفة، فحجر طائفة من الروضة المقدسة مما يلي بيت النبي صلى الله عليه وسلم ومنع الصلاة فيها مع ما ثبت من فضلها وفضل الصلاة فيها، فلو عكس ما حجره وجعله خلف بيت النبي صلى الله عليه وسلم من الناحية الشرقية وألصق الدرابزين بالحجرة مما يلي الروضة لكان أخف، إذ الناحية الشرقية ليست من الروضة ولا من المسجد المشار إليه، بل مما زيد في المسجد في أيام الوليد.
قال: ولم يبلغني أن أحدا من أهل العلم والصلاح ممن حضر ولا ممن رآه بعض تحجيره أنكر ذلك أو تفطن له وألقى له بالا، وهذا من أهم ما ينظر فيه. انتهى.
صفحة ١٠٣