203

وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى‏ - الجزء1

الناشر

دار الكتب العلمية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٩

مكان النشر

بيروت

تصانيف

الجغرافيا
وفيه عن أبي أيوب أنهم تكلفوا له طعاما فيه بعض هذه البقول، فلما أتوه به كرهه وقال لأصحابه: كلوا فإني لست كأحدكم، إني أخاف أن أوذي صاحبي «١» .
وفي كتاب رزين عنه بعد ذكر نزوله عليه قال: وما مرت ليلة من نحو السنة إلا وتأتيه جفنة سعد بن معاذ ثم سائر الناس، يتناوبون ذلك نوبا، قال أبو أيوب: فصنعت له ليلة طعاما، وجعلت فيه ثوما، فلم يأكل منه رسول الله ﷺ ففزعت فنزلت إليه فقلت له:
أحرام هو؟ فقال: إني أناجي، وأنا أكرهه لذلك، وأما أنتم فكلوه، قال: فقلت: فإني أكره ما تكره يا رسول الله.
المؤاخاة بين الأنصار والمهاجرين
قال ابن إسحاق: وكتب رسول الله ﷺ كتابا بين المهاجرين والأنصار وادع فيه يهود «٢»، وعاهدهم، وأقرهم على دينهم وأموالهم، واشترط لهم، وآخى رسول الله ﷺ بين أصحابه من المهاجرين والأنصار، فقال فيما بلغنا: تاخوا في الله أخوين أخوين، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فقال: هذا أخي.
قلت: كانت هذه المؤاخاة بعد مقدمه ﷺ بخمسة أشهر، وقيل: ثمانية، وهو يا بني المسجد، وقيل: بعده، وقيل: قبله، وذكره أبو حاتم في السنة الأولى، والظاهر أن ابتداءها كان فيها، واستمرت على حسب من يدخل في الإسلام أو يحضر، كما يعلم من تفاصيلها، قيل: وكانوا تسعين رجلا من كل طائفة خمسة وأربعون، وقيل: مائة، آخى بينهم على الحق والمواساة والتوارث، وكانوا كذلك إلى أن نزل بعد بدر وَأُولُوا الْأَرْحامِ [الأنفال: ٧٥] الآية.
وقال الواقدي: لما قدم رسول الله ﷺ المدينة آخى بين المهاجرين، وآخى بين المهاجرين والأنصار.
وقال ابن عبد البر: كانت المؤاخاة مرتين: الأولى قبل الهجرة بمكة بين المهاجرين، فاخى بين أبي بكر وعمر، وهكذا حتى بقي علي ﵁ فقال رسول الله ﷺ: أما ترضى أن أكون أخاك؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: فأنت أخي في الدنيا والآخرة، والمواخاة الثانية ما تقدم من مواخاة المهاجرين والأنصار، وهي المرادة بقول الحسن: كان التوارث بالحلف؛ فنسخ باية المواريث.

(١) البقول: المراد بها البصل والثوم والكراث.
(٢) وادع فلان: صالحه وسالمه وهادنه.

1 / 207