وعدد كتب هذا الدير أقل مما في غيره ولكن فيها بعض الكتب القيمة مثل كتاب تاريخ البطاركة لابن المقفع ولعله أقدم كتاب من نوعه في التاريخ ومكتوب بقاعدة الخط الديواني ولم يعرف تاريخه لضياع أوراق من آخره. وكتاب السنكسار أي (أخبار القديسين) يقول في أوله: «مما رتبه أنبا ميخائيل بكرسي أتريب ومليج». وهو أقدم كتاب من نوعه وأصح من غيره بكثير.
وحديقة هذا الدير أكبر حدائق الأديرة وهي ملأي بأشجار النخيل والليمون والنبق وبعض شجر الجوافة والزيتون والعنب والكافور وتربتها جيدة. وبهذا الدير عين ماء في الجهة الشرقية البحرية منه ولكنها غير صالحة للشرب اكتشفت حديثا ولكن مياه الساقية المستعملة أعذب وأغزر مياه مما في بقية الأديرة. وبه قصر جيد شيده الرئيس السابق المتنيح القمص بطرس كما شيد جملة قلالي للرهبان وأطيانه حسب تقدير المجمع المقدس الاكليركي سنة 1642ش (1926م) فهي 118 فدانا و13 قيراطا و8 اسهم بناحية الخطاطبة. ومرتباته وعوائده كغيره من أديرة وادي النطرون - ويوجد بحري دير الأنبا بشوي وشرقيه آثار معامل للزجاج والفخار. ومن عثورنا على بعض من القناديل الزجاج المكسرة والأواني الفخار عرفنا دقة الصنع والاتقان والمهارة التي كان عليها الصناع . هذا وفي طريق الانسان من هذا الدير إلى دير القديس مكاريوس بعض بيوت صغيرة يتكون منها عزبة تسمى بني سلامه لأن اهلها من بني سلامة التابعة لمديرية الجيزة. يعيش أهلها من قطع البردي واخراج النطرون وقلع الحجر من الجبل على حساب شركة الملح والصودا. وغربه بحيرة الملح يفصل بينهما مكان فسيح فيه حشيش أخضر أرضه دائمة البلل. وفي الجنوب الشرقي منها قارة عالية إلى سبعة أمتار يقال لها المطابخ وفيها آثار الوقود المتحجرة من النار وحفر فيها بعض طلاب الآثار. وشرقي بني سلامه على بعد 15 دقيقة يوجد سفح يرتفع عن أرضها مقدار عشرة أمتار فيه حجر محفورة لها باب من الجهة الغربية ينزل منه وتسير في سرداب عرض مترين وارتفاع متر واحد حتى يصل إلى حجرتين متصلتين ببعضهما. وبالقرب منهما مقبرة فيها هياكل عظيمة لرجال تدهش الناظر اليها من طولها الذي يزيد عن المعتاد كثيرا فأصبح قدم الرجل يقدر بعشرة سنتمترات وسمك عظم الرأس يقدر بثلاثة مليمترات. ومن الوقوف على هذا السفح يشاهد دير القديس مكاريوس في الجنوب الشرقي وهذا السفح يسمى قارة الحشيش لأن فيه حشيشا يقولون إنه يوضع على الجرح فيبرأ. (8) دير الأنبا مكاريوس
وتبلغ مساحته فدانا واثنين وعشرين قيراطا الآن وكانت قبلا أربعة أفدنة وثلاثة قراريط فأنقص من جهتيه البحرية والشرقية ما مساحته فدانان وخمسة قراريط. قال أبو المكارم: «وبيعه جدد عمارتها يعقوب البطريرك (50) وكرزها في أول كيهك بحكم ما كان من تعدي العرب عليها وأخربوها وهي من العمائر الجليلة وفيها من الصور الغريبة ما لم يكن في غيرها. وهيكل أبو شنوده بناه راهب قسيس وهو قبلي هيكل أبو مقار والاسكنا لا يدخل اليه أحد من العلمانيين ولا يقدس فيه كاهن غريب والقنديل لا ينطفئ بالجملة. وفيه المذبح الذي كرزه أنبا بنيامين البطريرك (38) في العدد ... والاسكنا الذي قبلي هيكل أنبا بنيامين انشأه أنبا مقاره أسقف منوف من المال الذي وجد للأسقف مينا في ناحية طانا في بطركية زكريا (64) ... الاسكنا بناه الأنبا شنوده البطريرك (55) ... بيعه اهتم بعمارتها الشيخ النجيب أبو الرجاء بن سلسيل من أهل البشمور في سنة 557 في مملكة العرب والغز والاكراد بمصر واقليمها ... في مملكة صلاح الدين يوسف بن أيوب الكردي ... ويجاور المذبح أجساد الآباء الاطهار وهم الثلاث مقارات العابد المصري الكبير. كان ظهوره في بطريركية أنبا أسناسيوس البطريرك (العشرين) ... ابو مقار القس الأسكندراني وكان ظهوره مثله ... أبو مقار أسقف أتقو وكان مع ديسقورس في مجمع خليكيدونية وأبعد عن كرسيه ثم استشهد ... (بهما ابسيت)
8
أي تسعة وأربعين راهبا الذين قتلوا بالسيف ويدبولا وقبر الاربا وزينون الملك (كذا وهي بنت زينون الملك) ورسول الملك ويعقوب الفارس المقطع - وكان كمال عمارة هذه البيعة في بطريركية انبا أغاثو (39) وكثر الرهبان في البرية وكثرت العمارة وبنوا القلالي قريب اليهاس وفيه المغارة التي فيها أجساد الآباء البطاركة خارجا عما هو مدفون في غيرها وهم الأول مرقس الأنجيلي ... الثاني اينانوس في بيعة جرجس عند مسلة فرعون بالأسكندرية.. وكان أنبا غبريال البطريرك (70) قد رتب أن يبخر عليهم في كل صلاة وأن يوقد عليهم قنديل في كل يوم وليلة ... وعلى هذه البيعة القاتاليقية حصن دائر من حجر. وفيه ابراج ومساكن ومرتفعات أنشأه أنبا شنوده (55) في خلافة العباسيين. وجدد عمارة السور أيضا خوفا من مسافي الرمل البطريرك أنبا مرقس ابن زرعه (73) في شهور سنة 568ه/889ش «1173م» قبلي شرقي ويجاوره جوسق كبير عال وفيه قوم من المريس (الصعيد) رهبان ملازمين أعلى من مساكن الرهبان الساكنين في القلالي حواليه ومن يطرق البرية من الفرسان والرحاله والجمالين والوحش. وبأعلاه علامتان إذا كان في وقت الأمن شرقي غربي وفي وقت الخوف قبلي شرقي. وبهذا الدير منشوبية تعرف بدورتاوس لا يقدر أحد من الرهبان يوما يقول الليلريا إلا من حفظ المزامير ظاهرا.. وللرهبان رسوم الأقداح بأعمال أسفل الأرض ومسموح لهم بجميع ما يحملونه اليه ... وكان خمارويه بن احمد بن طولون قد سوغ للدير من أراضي أوسيم مما يلي البحر في الحوض المعروف بالمناظر وهو خمسون فدانا.. والسجلات المكرمة من موالينا الائمة شاهدة بها أيضا ولم يبق للرهبان شيء من ذلك سوى خدمة الجرانة في البلاد ... أما العادة فيما تقدم أنه كان لا يقدس المبرون إلا بدير أبو مقار في يوم الخميس الكبير من جمعة البصخة عند الحاجة اليه في كل وقت ويقدس أيضا في دير الشمع بجيزة مصر وخرب ... أن هذه الأديرة جميعها كانت من حقوق كرسي منوف العلا وأن جند القديس أبو مقار الكبير كان بججير ثم نقل إلى الدير ... البيعة الجديدة أقامها الرهبان في فضاء الصحراء فيما بين القلالي للضعفاء من الشيوخ كرزها أنبا بنيامين وهو (38) في العدد ...». ا.ه. هذا مجمل ما كتبه أبو المكارم المؤرخ القبطي وهو يبين حالة الدير أيام هذا المؤرخ الذي كان إلى سنة 925ش (1209م). وقد كتب بحسب ما شاهده وسمع. وكتابه هذا عن الكنائس والديارات لم يطبع بعد وهو عند حضرة الباحث المدقق جرجس افندي قيلوتاؤس عوض الذي أرسل لي أقوال هذا المؤرخ عن الأديرة. وبما أن أغلب بناء هذا الدير قد تغير لا سيما وقد نقص منه مقدار فدانين وخمسة قراريط من الجهتين البحرية والشرقية وهما اللتان فيهما كنيسة الأنبا مكاريوس فقد أصبحت الآن وليس بها إلا هيكلان فقط الاول باسم الرسل وقبليه هيكل بنيامين بعدما كانت تشتمل هذه الكنيسة على جملة هياكل كما مر القول. وسيأتي الكلام عنها أولا. وبهذا الدير الآن سبع كنائس:
كنيسة الأنبا مكاريوس:
وطولها من بحري إلي قبلي 21 مترا وعرضها من شرق إلى غرب 15 مترا وهي ملصوقة من الجهة البحرية بالسور البحري وتبعد عن السور الشرقي 9 أمتار وكان بها خمسة هياكل: (1)
هيكل الرسل بناه شنوده امنوت دير أنبا مكاريوس وأوقف على الدير أملاكا كثيرة وبنى به معصرة. (2)
هيكل مرقس الانجيلي. (3)
مكاريوس بناه مقاره أسقف منوف من مال أخيه مينا أسقف طانا. (4)
صفحة غير معروفة