الحديث الرابع: حديث أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ كان يقول: «يا نساء المسلمات! لا تحقرن جارةٌ لجارتها ولو فِرسِنِ (١) شاةٍ» (٢). قال الحافظ ابن حجر ﵀: «وأشير بذلك إلى المبالغة في إهداء الشيء اليسير، وقبوله، لا إلى حقيقة الفرسن؛ لأنه لم تجرِ العادة بإهدائه، أي لا
تمنع جارة من الهدية لجارتها الموجود عندها؛ لاستقلاله، بل ينبغي أن تجود لها بما تيسر، وإن كان قليلًا، وفي الحديث الحض على التهادي ولو باليسير؛ لأن الكثير قد لا يتيسر كل وقت» (٣).
الحديث الخامس: حديث أبي هريرة ﵁، عن النبي ﷺ أنه قال: «لو دعيت إلى كُراعٍ لأجبت، ولو أُهدي إليَّ كُراعٌ لقبلت» (٤).
الحديث السادس: حديث عائشة ﵂ أنها قالت: جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها، فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صنعت لرسول الله ﷺ
_________
(١) فرسن: عظم أو عُظيم قليل اللحم، وهو خفُّ البعير، كالحافر للدابة، وقد يستعار للشاة، فيقال: فرسن شاةٍ، والذي للشاة: هو الظلف، والنون زائدة، وقيل: أصلية. النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير، ٣/ ٤٢٩.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب الهبة، باب الهبة وفضلها والتحريض عليها، برقم ٢٥٦٦، ومسلم، كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بالقليل، ولا تمنع من القليل لاحتقاره، برقم ١٠٣٠.
(٣) فتح الباري، لابن حجر، ٥/ ١٩٨.
(٤) البخاري، كتاب النكاح، باب من أجاب إلى كُراع، برقم ٥١٧٨، ولفظه في كتاب الهبة، برقم ٢٥٦٨: «لو دعيت إلى ذراع أو كُراع لأجبت، ولو أهدي إليَّ ذراع أو كراع لقبلت» وخص الذراع بالذكر، ليجمع بين الحقير والخطير؛ لأن الذراع كانت أحب إليه من غيرها، والكراع لا قيمة له، وفي المثل: «أعط العبد كراعًا يطلب منك ذراعًا» فتح الباري، لابن حجر، ٥/ ٢٠٠.
1 / 36