الانتصار للسلف الأخيار
الناشر
الرواد للإعلام والنشر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م
مكان النشر
المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع - مصر
تصانيف
وأما الشرط الثالث: فهو متحقق هنا؛ فإن هذا الكلام لا تعلق له ببيان لغة أو شرح غريب، كما هو ظاهر.
• وقد استفاض الإمام ابن القيم ﵀ في «إعلام الموقعين» (٤/ ٦٧ - ٩١) في بيان حجية أقوال الصحابة ﵃ وذكر ستة وأربعين وجها في الجواب على من زعم أن أقوال الصحابة ليست بحجة، أقتصر هنا على بعضها، قال ﵀:
«الوجه الثالث والأربعون: أن الصحابي إذا قال قولا أو حكم بحكم أو أفتى بفتيا فله مدارك ينفرد بها عنا ومدارك نشاركه فيها، فأما ما يختص به فيجوز أن يكون سمعه من النبي ﷺ شفاها أو من صحابي آخر عن رسول الله ﷺ؛ فإن ما انفردوا به من العلم عنا أكثر من أن يحاط به، فلم يرو كلٌ منهم كلَّ ما سمع، وأين ما سمعه الصديق ﵁ والفاروق وغيرهما من كبار الصحابة ﵃ إلى ما رووه؟ ! فلم يُروَ عن صديق الأمة مائة حديث، وهو لم يغب عن النبي ﷺ في شئ من مشاهده، بل صحبه من حين بعث، بل قبل البعث، إلى أن توفي، وكان أعلم الأمة به ﷺ بقوله وفعله وهديه وسيرته. وكذلك أجلة الصحابة روايتهم قليلة جدا بالنسبة إلى ما سمعوه من نبيهم وشاهدوه، ولو رووا كل ما سمعوه وشاهدوه لزاد على رواية أبي هريرة أضعافا مضاعفة؛ فإنه إنما صحبه نحو أربع سنين، وقد روى عنه الكثير، فقول القائل: «لو كان عند الصحابي في هذه الواقعة شيء عن النبي ﷺ لذكره». قول من لم يعرف سيرة القوم وأحوالهم، فإنهم كانوا يهابون الرواية عن رسول الله ﷺ ويعظمونها ويقللونها خوف الزيادة والنقص، ويحدثون بالشيء الذي سمعوه من
1 / 52