ويعد روسو من أعظم من أنجبت بهم فرنسا من الكتاب، غير أن آراءه تقبل أو ترفض على حسب الأمزجة، وهو يحب أن يكره ككاتب أوحى بالثورة الفرنسية قبل كل شيء.
ويوجد لكتب روسو معنيان، فيها ينفذ إلى الذهنية التي كانت سائدة للقرن الثامن عشر، وهي ذات أثر بالغ في حوادث أوروبا التي وقعت فيما بعد، وبهذه الكتب يمثل روسو في عالم الفكر السياسي مرحلة الانتقال من النظرية التقليدية للدولة في القرون الوسطى إلى الفلسفة الحديثة حول الدولة.
ولم يعالج روسو نظم الدول الموجودة، خلافا لما صنع مونتسكيو وفولتير، فبينما كان مونتسكيو وفولتير، اللذان هما من أبناء الطبقة العليا، يقتصران على المطالبة بالإصلاح السياسي والديني وثلم شوكة الاستبداد، كان ابن الشعب روسو، الذي قضى شبابا قاسيا، ينتهي بآلامه إلى ضرورة تجديد الدولة والمجتمع تجديدا كليا، ومن قول روسو: «لم يهدف مونتسكيو إلى معالجة مبادئ الحق السياسي، وإنما كان يكتفي بمعالجة الحق الوضعي (القانون) للحكومة القائمة، فلا يمكن أن يبدو اختلاف بين دراستين أكثر من هذا!» ومن ثم يكون روسو قد تمثل موضوعه مختلفا عن موضوع «روح الشرائع» كل الاختلاف.
ولا نرى أن ندرس حياة روسو في هذه المقدمة، فقد فعلنا ذلك في مقدمتنا لترجمة «العقد الاجتماعي» التي اقتطفنا ما تقدم منها، والتي تعد مقدمة لهذا الكتاب أيضا، فعلى هذا القصد نمسك القلم عن بيان سيرة روسو هنا، مكتفين بما تقدم، محيلين القارئ على تلك المقدمة.
نابلس
رسالة
في هذا السؤال الذي اقترحته أكاديمية ديجون: ما أصل التفاوت بين الناس، وهل أجازه القانون الطبيعي؟
يجب علينا أن نعد طبيعيا ما نظم وفق الطبيعة من أمور، لا ما فسد منها.
أرسطو، السياسة، باب 1، فصل 2
إلى جمهورية جنيف
صفحة غير معروفة