الذكر ودلهم على سبيل الهدى من بعده بمناهج ودواع أسس للعباد أساسها (1) ومنائر رفع لهم أعلامها، لكيلا يضلوا من بعده، وكان بهم رؤوفا رحيما.
فلما انقضت مدته واستكملت أيامه، توفاه الله وقبضه إليه، وهو عند الله مرضي عمله، وافر حظه، عظيم خطره، فمضى (صلى الله عليه وآله) وخلف في امته كتاب الله ووصيه أمير المؤمنين، وإمام المتقين صلوات الله عليه، صاحبين مؤتلفين، يشهد كل واحد منهما لصاحبه بالتصديق، ينطق الامام عن الله في الكتاب، بما أوجب الله فيه على العباد، من طاعته، وطاعة الامام وولايته، وواجب حقه، الذي أراد من استكمال دينه، وإظهار أمره، والاحتجاج بحججه، والاستضائة بنوره، في معادن أهل صفوته ومصطفى أهل خيرته فأوضح الله بأئمة الهدى من اهل بيت نبينا (صلى الله عليه وآله) عن دينه وابلج بهم عن سبيل مناهجه (2) وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه، وجعلهم مسالك لمعرفته، ومعالم لدينه، وحجابا بينه وبين خلقه، والباب المؤدي إلى معرفة حقه واطلعهم على المكنون من غيب سره.
كلما مضى منهم إمام، نصب لخقله من عقبه إماما بينا، وهاديا نيرا وإماما قيما (3)، يهدون بالحق وبه يعدلون، حجج الله ودعاته، ورعاته على خلقه، يدين بهديهم العباد (4)، ويستهل بنورهم البلاد، جعلهم الله حياة للانام، ومصابيح للظلام ومفاتيح للكلام، ودعائم للاسلام، وجعل نظام طاعته وتمام فرضه التسليم لهم فيما
علم، والرد إليهم فيما جهل، وحظر على غيرهم التهجم على القول بما يجهلون (5) ومنعهم جحد ما لا يعلمون، لما أراد تبارك وتعالى من استنقاذ من شاء من خلقه، من ملمات
صفحة ٤