86

أفرادا لها فكذا أفراد المطلق أيضا ، فمقتضى الكل استيعاب تمام هذه الأفراد ، فعلى هذا فلفظ الكل يصير معينا لكون المراد من مدخوله هو المطلق.

نعم لو كان المطلق منصرفا إلى المقيد كأن يكون العالم في قولنا : أكرم كل عالم منصرفا إلى العادل كان ذلك بحكم ذكر القيد ، فيكون الاستيعاب متعلقا بأفراد المقيد ، والشاهد على ما ذكرنا هو الوجدان.

ونظير هذا النزاع أيضا جار في مسألة أن إطلاق الصيغة محمول على الوجوب التعييني أولا؟ فإنه قدسسره قد أورد الكلام المتقدم في المسألة المتقدمة هنا ببيان أن الوجوب التعييني ليس إلا الوجوب المطلق أي المجرد عن انضمام العدل والبدل ، والتخييري ما كان مقيدا بانضمامه ، فإذا كان المتكلم في مقام البيان ولا قرينة في الكلام فلا بد من حملها على الوجوب المطلق الذي هو التعييني ، وإذا لم يكن كذلك فالصيغة من هذا الحيث مجملة.

والحق أن يقال أولا : إن الصيغة موضوعة للقدر المشترك بدليل أنا لا نجد بحسب وجداننا فرقا بحسب المعنى بين قولنا : أكرم زيدا ، المستعمل في مقام الوجوب التعييني ، وبينه إذا استعمل في مقام الوجوب التخييري وبانضمام العدل.

وثانيا : أن المتبادر منها عند الإطلاق هو الوجوب التعييني بدليل أن اعتذار العبد المخالف للامر في قبال قول المولى : لم خالفت قولي : افعل كذا بأنه : لم يحرز عندي كونك بصدد البيان ، والمفروض أن الصيغة موضوعة للقدر المشترك بين الوجوب التعييني والتخييري غير مسموع منه عند أهل العرف والعقلاء قطعا.

«فصل»

لا يخفى أن الجمل الخبرية المستعملة في مقام الإنشاء كقولنا : يتوضأ ويصلي ويعيد قد استعملت في نفس معانيها لا في غيره مجازا ، بمعنى أن صورة المعنى المستعمل فيه في هذا المقام وفي مقام الإخبار واحدة إلا أن الداعي في الثاني هو الإخبار بالواقع ، وفي الأول هو البعث بنحو آكد وأتم ؛ فإن الآمر في مقام إظهار الإرادة التي

صفحة ٨٩