277

«فصل»

في أن العام المخصص حجة في الباقي أولا؟ دليل عدم الحجية إجماله أنه بعد العلم بعدم إرادة العموم منه يكون مرددا بين مراتب الخصوص ، فقبل قيام القرينة على تعيين أحدها لم يحمل على شيء منها ، وكون تمام الباقي أقرب المجازات إلى الحقيقة إنما هو بحسب الكم والمقدار ، وما هو مرجح لحمل اللفظ هو الأقربية بحسب الانس الذهني ، بأن يكون هذا المعنى من بين المعاني المجازية أكثر انسا باللفظ من غيره ، ومن الواضح عدم تحقق الأقربية بهذا المعنى في المقام ، فإن حال العام بالنسبة إلى جميع مراتب الخصوص على السواء في كونه خلاف معناه الوضعي نظير المائة ؛ فإنه بعد عدم استعماله في العدد الخاص الذي هو معناه يكون نسبته إلى الواحد والتسعة والتسعين واحدا.

وفيه أنه قبل ملاحظة المعنى المحيط بتمام الأفراد لا يمكن استعمال العام مجازا في شيء من مراتب الخصوصيات ، وذلك لعدم عنوان كان منطبقا على واحدة من تلك المراتب دون غيرها حتى يستعمل الأداة بعد عدم استعماله في المحيط بتمام الأفراد في هذا العنوان.

نعم بعد إحضار المعنى المحيط في الذهن يمكن الغض عن واحد أو اثنين أو ثلاثة فصاعدا واستعمال اللفظ في تمام الباقي ، لكن هذا في المخالفة للظاهر بمكان ؛ فإن عدم إمكان الاستعمال المجازي في الباقي بدون ملاحظة المعنى الجامع المحيط أولا أدل دليل على أن لفظ العموم مستعمل في معناه الحقيقي أعني : المعنى المحيط أبدا ، ولا ينافي ذلك ورود المخصص بعده متصلا أو منفصلا ؛ لإمكان الجمع بأحد نحوين : إما بجعل الفرد المخصص خارجا في مرحلة الحكم دون مقام الاستعمال بأن كان اللفظ مستعملا في المحيط ثم غض النظر عن الفرد المعين وأنشأ الحكم في موضوع الباقي ، وإما بجعله خارجا عن المراد اللبي مع كونه داخلا في مرحلة الحكم كمقام الاستعمال بأن لاحظ المعنى المحيط عند مقام الاستعمال وكذا لاحظه أيضا عند جعل الحكم ،

صفحة ٢٨٠