فإن قلت : إن صاحب الدار إنما يمانع بالإرادة فهو غير خال عن الإرادة في هذا الفعل الاختياري أعني مجيء زيد وعدم مجيئه ، فحاله حال سائر الأفعال الاختيارية المسبوقة بالإرادة.
قلت : نعم لا يخلو عن الإرادة ، لكن المدعى أن المجيء وعدمه لا يستندان إلى إرادة صاحب الدار إياهما ، بل إلى إرادة زيد.
فإن قلت : مجيء زيد وعدمه ليسا باختياريين لصاحب الدار وإنما اختياريته هو ايجاد المانع وعدمه وبينهما بون بعيد.
قلت : إذا كان إيجاد المانع اختياريا له فثمرته وهو عدم المجيء أيضا اختيارية ؛ فإن المقدور بالواسطة مقدور ، وإذا كان عدم المجيء اختياريا له فوجود المجيء أيضا اختيارية ؛ إذ القدرة إنما يتعلق بالطرفين لا بطرف واحد.
فإن قلت : إن عدم المجيء ليس مسببا عن إيجاد المانع بل عن إرادة زيد إياه ، وبالجملة فالأول ليس في طول الثاني بل في عرضه.
قلت : مدعانا لا يتوقف على إثبات السببية والترتيب بينهما بل يحصل مع كونهما في عرض واحد ، والدليل على ذلك أنه لو تنازع زيد وعمرو في مكان واحد أراد كل منهما الجلوس فيه فلا شك أن زيدا لو خلى المكان لعمرو فجلس العمرو فيه يكون لزيد ولاية على هذا الجلوس ، مع أن عدم جلوسه ليس سببا له.
فنقول إذا صار محبوبية الفعل مشرفة بأن يوجد العزم والإرادة في النفس فلا شك أن الشخص متمكن من أن يمانعها من ذلك ويوجد بسرعة الإرادة المضادة في نفسه قبل أن يوجد المحبوبية إرادة الفعل فيها.
فإن قلت : إن المحبوبية علة تامة للإرادة فكيف يمكن انفكاكها عنها.
قلت : ليس المحبوبية علة تامة للإرادة بل لعدم المزاحم أيضا دخل في تحققها.
صفحة ٢٣