إجابة السائل شرح بغية الآمل (أصول فقه)
محقق
القاضي حسين بن أحمد السياغي - الدكتور حسن محمد مقبولي الأهدل
الناشر
مؤسسة الرسالة
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م
مكان النشر
بيروت
تصانيف
أصول الفقه
فَلَيْسَ من مَحل النزاع فَالضَّمِير فِي قَوْله وَهُوَ يعود إِلَى الْخَبَر المُرَاد بِفَظٍّ مَا فِي كلما الْمَدْلُول عَلَيْهِ بالسياق كَمَا عَاد إِلَيْهِ ضمير نافي وَفِي لَهُ للْقِيَاس وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي ذَلِك هَل يرجع الْقيَاس أَو خبر الْآحَاد الَّذِي ذهب إِلَيْهِ الْجُمْهُور من أَئِمَّة الْآل وَغَيرهم أَنه يقدم الْخَبَر ويطرح الْقيَاس وَرُوِيَ عَن مَالك أَنه يقدم الْقيَاس وَقيل إِنَّه مَحل اجْتِهَاد فَمَا غلب على ظن الْمُجْتَهد اتبعهُ وَدَلِيل الْأَوَّلين أَن الصَّحَابَة تركُوا الِاجْتِهَاد أَي الْقيَاس عِنْد وجود خبر الْآحَاد وَقد عدوا فِي المطولات قضايا من ذَلِك لِلشَّيْخَيْنِ وَغَيرهمَا هجروا فِيهَا الْقيَاس لأجل خبر الْآحَاد وَبِأَنَّهُ وَقع فِي حَدِيث معَاذ تَقْدِيم الْخَبَر على الْقيَاس وَيَأْتِي خبر معَاذ فِي الْقيَاس وَأقر ﷺ معَاذًا على ذَلِك وَبِأَن خبر الْوَاحِد أصل للْقِيَاس ومستقل بِنَفسِهِ كنص الْكتاب فَالْقِيَاس فرع عَلَيْهِ فَلَو قدم عَلَيْهِ لَكَانَ من تَقْدِيم الْفَرْع على الأَصْل وَبِأَن مقدماته أقل من مُقَدمَات الْقيَاس فَإِن مقدماته عَدَالَة الرَّاوِي وَدلَالَة الْخَبَر بِخِلَاف الْقيَاس فَإِنَّهُ يتَوَقَّف على مُقَدمَات حكم الأَصْل وتعليله فِي الْجُمْلَة وَتَعْيِين الْوَصْف الَّذِي بِهِ التَّعْلِيل وَوُجُود ذَلِك الْوَصْف فِي الْفَرْع وَنفي الْمعَارض فِي الأَصْل ونفيه فِي الْفَرْع وَهَذَا إِذا لم يكن أصل الْقيَاس خَبرا آحاديا وَإِلَّا وَجب الِاجْتِهَاد فِي الْأُمُور السِّتَّة وَفِي الْأَمريْنِ الْأَوَّلين اللَّذين هما مُقَدّمَة خبر الآحادي فَإِذا قدم الْقيَاس عَلَيْهِ كَانَ تَقْدِيمًا للأضعف على الْأَقْوَى وَهُوَ بَاطِل إِجْمَاعًا وَذَلِكَ لِأَن مَا يجْتَهد فِيهِ فِي مَوَاضِع أَكثر فاحتمال الْخَطَأ فِيهِ أقوى وَالظَّن الْحَاصِل بِهِ أَضْعَف فَهَذِهِ أَرْبَعَة أَدِلَّة لتقديم الْخَبَر الآحادي على الْقيَاس وَقد عارضها من اخْتَار تَقْدِيم الْقيَاس بِمَا لَا يقاومها وَلِهَذَا جزمنا فِي النّظم بِهَذَا القَوْل وأشرنا إِلَى قَول من قدم الْقيَاس وهم الْأَقَل بقولنَا وَهُوَ لَهُ عِنْد الْكثير مُبْطل أَي أَن الْجُمْهُور قدمُوا الْخَبَر الآحادي وأبطلوا بِهِ حكم
1 / 121