133

الأصول في النحو

محقق

عبد الحسين الفتلي

الناشر

مؤسسة الرسالة

مكان النشر

لبنان - بيروت

مسائل من هذا الباب:
تقول: أعجب ركوبك الدابة زيدًا، فالكاف في قولك: "ركوبك" مخفوضة بالإِضافة، وموضعها رفع، والتقدير: أعجب زيدًا أن ركبت الدابة، فالمصدر يجر ما أضيف إليه فاعلًا كان أو مفعولًا، ويجري ما بعده على الأصل، وإضافته إلى الفاعل أحسن، لأنه له: كقول الله تعالى: ﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ﴾ ١، وإضافته إلى المفعول حسنة، لأنه به اتصل وفيه حل، وتقول: أعجبني بناء هذه الدار، وترى المجلود فتقول: ما أشد جلده، وما أحسن خياطة هذا الثوب، فعلى هذا تقول: أعجب ركوب الدابة عمرو زيدًا إن أردت: أعجب أن ركب الدابة عمرو زيدًا، فالدابة وعمرو وركب في صلة "أن" وزيد منتصب "بأعجب" خارج من الصلة فقدمه إن شئت قبل أعجب، وإن شئت جعلته بين "أعجب"، وبين/ ١٣٥ الركوب وكذلك: عجبت من دق الثوب القصار٢، ومن أكل الخبز زيدٌ، ومن أشباع الخبز زيدًا فإن نونت المصدر أو أدخلت فيه ألفًا ولامًا امتنعت الإِضافة، فجرى كل شيء على أصله فقلت: أعجب ركوب زيد الدابة عمرًا، فإن شئت قلت: أعجب ركوب الدابة زيد عمرًا، ولا يجوز أن تقدم الدابة، ولا زيدًا قبل الركوب؛ لأنهما من صلته، فقد صارا منه كالياء والدال من "زيد" وتقول: ما أعجب شيء شيئًا إعجاب زيد ركوب الفرس عمرو، ونصبت "إعجابًا" لأنه مصدر وتقديره: ما أعجب شيء شيئًا إعجابًا مثل إعجاب زيد، ورفعت الركوب بقولك: "أعجب" لأن معناه: كما أعجب زيدًا أن ركب الفرس عمرو، وتقول: أعجب الأكل الخبز زيد عمرًا، كما وصفت لك، وعلى هذا قوله تعالى: ﴿أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ﴾ ٣، فالتقدير: أو أن يطعم لقوله: وما أدراك فعلى هذا يجري ما

١ البقرة: ٢٥١.
٢ القصار: قصر الثوب قصارة، وقصره: كلاهما، حوره ودقه، ومنه سمي القصار.
٣ البلد: ١٤، وفي الآية المصدر منون.

1 / 138