وقالت المعتزلة: الاستطاعة قبل الفعل، وهي الصحة ولا تجامع الفعل (¬1) . وإن استطاعة كل فعل استطاعة لضده، واستطاعة الكفر هي استطاعة الإيمان (¬2) . وليس في الحكمة، ونكرة في العقول (¬3) عندهم أن يكلف الله عبده ما لا يستطيع ولا يمكنه، أو يمسك عنه الأسباب التي لا يصل إلى الفعل إلا بها من جميع المعاني (¬4) .
وقلنا لهم وبالله التوفيق: إن الاستطاعة على وجوه منها: استطاعة المال كما قال الله تعالى: { ومن لم يستطع منكم طولا [أن ينكح المحصنات المؤمنات] (¬5) } (¬6) . واستطاعة السبيل إلى الحج كما قال الله عز وجل: { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } (¬7) . واستطاعة الخلقة، كما يقال: يستطيع هذا الجمل [ حمل ] (¬8) كذا وكذا، يريدون (¬9) : تحمله طبيعته. ويحمل هذا الحائط هذه الخشبة. ويقولون: لا يستطيع الإنسان الطيران إلى السماء، يريدون لخلقته.
¬__________
(¬1) انظر في هذا، القاضي عبد الجبار: شرح الأصول الخمسة (السابق)، ص390 وما بعدها. ويرى المعتزلة أن الاستطاعة هي القدرة على الفعل، وعلى ضده قبل الفعل، فإذا وجد الفعل لم يكن للإنسان حاجة إليها. وقالوا بأن القدرة متقدمة لمقدورها، أي أنها تلازم الباعث، وخالف البغداديون فقالوا: بجواز مقارنة المقدور للقدرة وتقدمه عليها.
(¬2) قارن بما جاء في مقالات الإسلاميين للأشعري، ص 231
(¬3) م: العقل. أخذ المؤلف هذه الفكرة من كتاب الرد على جميع المخالفين لأبي خزر الحامي، ورقة 40.
(¬4) قالوا هي قدرة عليه وعلى ضده وهي غير موجبة للفعل، وأنكروا بأجمعهم أن يكلف الله عبدا ما لا يقدر عليه.
(¬5) 10) - من م، ب، ج.
(¬6) 11) سورة النساء: 25
(¬7) 12) سورة آل عمران: 97. قال أبو خزر الوسياني الحامي: والسبيل في هذا الموضوع: الزاد والراحلة. انظر كتاب الرد على جميع المخالفين ورقة 43.
(¬8) 13) + من ب، ج.
(¬9) 14) ب: تزيد (أنه).
صفحة ١٣٠