كالأئمة المعصومين عليهم السلام ومن تمكن من الاخذ عنهم مشافهة دون جمهور الناس ولهذا قال أمير المؤمنين عليه السلام في الحديث السابق: " فاستنطقوه " مشيرا إلى أنه لا يفهم لسانه الا أهل الله خاصة ثم قال: ولن ينطق لكم، لعدم السمع الباطني والاذن القلبية (1) فيكم، ثم بين انه (ع) لسان الله الناطق عن كتبه للخلق، المخبر عن أسرار القرآن ومكنوناته فقال: أخبركم عنه، وقال: لو سألتموني لعلمتكم، إلى غير ذلك مما يدل على هذا المعنى كما يأتي في الأصل الثاني فلا سبيل إلى فهم معاني القرآن والقطع بأحكامه لجمهور الناس الا من جهتهم عليه السلام، اما في مثل هذا الزمان فلا خطاب قطعي في حكم من الاحكام المختلف فيها الا بالنسبة إلى من آتاه الله الحكمة وفصل الخطاب والاذن القلبية (2) والسمع الباطني لسماع القرآن وفهمه دون غيره من الناس لان اخبار الآحاد لا تفيد الا ظنا مع أنها لا تفي بجميع الاحكام كما هو ظاهر.
وأيضا: فان أكثرها كالقرآن في الدلالة الاجمالية وعدم التنصيص وقبولها لتخالف الافهام فيها، واما التمسك بالبراءة الأصلية ففيه تحقيق ذكره المحقق الحلي رحمه الله في أوائل كتاب المعتبر فإنه قال (3): ويقال: عدم الدليل على كذا فيجب انتفاؤه وهذا يصح فيما يعلم أنه لو كان هناك دليل لظفر به اما لا مع ذلك فإنه يجب التوقف ولا يكون ذلك الاستدلال حجة ومنه القول بالإباحة لعدم الوجوب والحظر، انتهى كلامه رحمه الله.
صفحة ١٨