أصول الفتيا في الفقه على مذهب الإمام مالك
محقق
محمد العلمي
الناشر
الرابطة المحمدية للعلماء
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤٠ هجري
مكان النشر
الرباط
على أن النقل عنهما أنتج لنا ظناً غالبا بأن هذين الكتابين ينتميان إلى الصنف الجامع بين الوثائق والأحكام، على ما جرت عليه تآليف المتقدمين من الأندلسيين.
وهذا هو السر في نقل المذهب عن ابن حارث من هذا الكتاب مسائل في التقاضي وما جرى به العمل، علاوة على مسائل المحاضر والوثائق، وطرق تحريرها.
فتجد في أحكام ابن سهل ما يقرر هذا ويؤكده، وهو قوله:
((قال محمد بن حارث بن أسد الخشني: سميت فصول المقالات المنعقدة عند القضاة قبل السجلات، وهي التي يفتتح بها الخصومات: محاضرَ، وأحدها: محضر؛ لما لزمها في هذا الاسم عند العلماء المتقدمين، وهو مأخوذ من: حضور الخصمين بين يدي القضاة، واختلف في اللفظ التي يفتتح بها تلك الفصول:
فكتب بعضهم: حضرني فلان بن فلان؛ لأن تلك الصحيفة، عنده، وفي دیوانه؛ فكأنه مخاطب لنفسه، ومُذِّکر لها بما كان بین یدیه.
و کتب بعضهم: قال فلان حضرني فلان، وهذا كله عندي إذا کتب بخط يده، وأما إن كتب عنه كاتبه، فلا يكتب: حضرني؛ لأنه يقع حينئذ في الظاهر كناية عن الكاتب.
قال ابن الحارث: والذي جرى به رسم قضاة الجماعة بقرطبة: أن يكتب الكاتب: قال عند القاضي: فلان بن فلان، قاضي الجماعة بقرطبة: فلان بن فلان، إذ قام عليه خصمه فلان، فادعى عليه كذا، فقال فلان: إنه لا يعرف شيئًا من ذلك، ولا يقر به ..))(1).
وقال ابن سهل أيضا: ((ولابن حارث في المحاضر: وإن سأل الحضور أحدهما في أول مجلس تقدما إليه فيه أن يوكل كل واحد منهم من يتكلم عنده عنه في الدعوى والإقرار والإنكار، ففيه اختلاف في رأي الفقهاء وعمل القضاة))(2).
(1) الإعلام بنوازل الأحكام (ص: 34).
(2) الإعلام بنوازل الأحكام (ص: 54).
49