أن الاختلاف في اختيار وجوه كفارة اليمين باطل وان اختياره بمجرد العزيمة صحيح بلا تأمل فلذلك وجب القول بان بعضها احق ووجه قولنا أن الحق واحد أن المجتهد يصيب مرة ويخطىء أخرى قال الله تعالى
﴿ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما﴾
وإذا اختصر سليمان صلوات الله وسلامه عليه بالفهم وهو اصابة الحق بالنظر فيه كان الآخر خطاء وقال النبي عليه السلام لعمرو بن العاص احكم على انك أن اصبت فلك عشر حسنات وان اخطأت فلك حسنة وقال ابن مسعود على حكم الله فلا تنزلوهم أن اصبت فمن الله وان اخطأت فمني ومن الشيطان والله تعالى ورسوله منه بريئان وقال النبي صلى الله عليه وسلم إذا حاصرتم حصنا فأرادوكم أن تنزلوهم على حكم الله فانكم لا تدرون ما حكم الله فيهم وهذا دليل على احتمال الخطأ ولان تعدد الحقوق ممتنع استدلالا بنفس الحكم وسببه إما السبب فلانا قلنا أن القياس تعدية وضع لدرك الحكم فما ليس بمتعدد لا يتعدى متعددا لانه يصير تغييرا حينئذ فيوجب ذلك أن يكون الحق متعددا بالنص بعينه وهذا خلاف الإجماع إلا ترى لو توهمنا غير معلوم لم يكن حكمة متعددا وذلك مما يحتمله صيغته بيقين فلا يتعدد بالتعليل وفيه تغيير ويصير الفرع به مخالفا للاصل واما الاستدلال بنفس الحكم فهو أن الفطر والصوم وفساد الصلاة وصحتها وفساد النكاح وصحته ووجود الشيء وعلمه وقيام الحظر والاباحة في شيء واحد تستحيل اجتماعه ولا صلح المستحيل حكما شرعيا وصحة التكليف يحصل بما قلنا من صحة الاجتهاد واصابته ابتداء وقال أبو حنيفة رحمه الله في مدعي الميراث إذا لم يشهد شهوده انا لا نعلم له وارثا غيره أني لا اكفل المدعي وهذا شيء احتاط به القضاة وهو جور سماه جورا وهو اجتهاد لانه في حق المطلوب مائل عن الحق وهو معنى الجور والظلم وقال محمد رحمه الله في المتلاعنين ثلاثا إذا فرق القاضي بينهما نفذ الحكم وقد اخطأ السنة ودليل ما قلنا من المذهب لاصحابنا في أن المجتهد يخطئ ويصيب في كتب اصحابنا اكثر من أن يحصى واما مسألة القبلة فان المذهب عندنا في ذلك أن المتحري يخطئ و يصيب ايضا كغيره من المجتهدين إلا ترى انه قال في كتاب الصلاة في قوم صلوا
صفحة ٢٧٩