إن إشارة النص القتباني إلى المذبح الملكي بكونه في الموضع «مكي»، مع ما عرفناه عن تقديسهم للإله «إل» وتلقيبه بفخر وتعلى، والصيغة الثمودية التي عثر عليها هوبر «إله ن» أي الله، والتي تشير إلى «إل»، وما عرفناه عن «إل» كعلم دال على إله خاص عند القتبانيين والسبئيين معا فيما زعم «نيلسن»، ومع ما زعمناه حول كون «الألف واللام » في أول «المقة» إنما هي «إل»، وتعني إله أو رب، مع هذه المجموعة من الإشارات نجدنا مدفوعين دفعا إلى استنتاج أن معبد «إل» على الأرض سواء أكان قتبانيا أم سبئيا، إنما كان يشار إليه بالاسم «مكي»، ويقدس معبده ومحيطه كحرم خاص بالإله «إل». (3)
ومن هنا نقترح أن يكون اسم «المقة» ليس خاصا لإله خاص، إنما يعني «إل = إله + مقة أو مكي = معبد الإله على الأرض»، وهنا ننتقل خطوة أخرى فنقول إن ترجمة «المقة» بالإله أو الرب مقة ترجمة غير دقيقة، ويجب أن تكون «إله أو رب مقة أو مكي»، أي إله المعبد الحرام الموجود على الأرض ويسمى مكي. (4)
وتأسيسا على ذلك لا يعد «المقة» اسم علم يطلق على إله القمر السبئي، إنما تصبح «المقة» تعني «رب البيت»، ولأن رب البيت أو إله مكي هو القمر، ولأن الرب المعبود، في عموم دول الجنوب هو القمر، فقد ألقي في روع الباحثين أن اللفظ «المقة» الوارد بكثرة في النقوش السبئية، هو اسم علم أطلقه السبئيون على إلههم القمري! (5)
ومع هذا الفهم تصبح «تاء التأنيث» في آخر «المقة» مفهومة، إذا لم يكن «المقة» إلها ذكرا، إنما معبد يحيطه موضع حرام مقدس للإله على الأرض. (6)
ويدعم رؤيانا هذه أنه جاء في النصوص السبئية أكثر من إشارة للإله المعبود باسم «ذوي سموي»،
29
أي رب السماء أو صاحب السماء أو الذي في السماء. وهذا إنما يعني أن رب السماء (وهو هنا إله ذكر وليس أنثى) هو «إل» أو «إله ن» بالذات وبشكل خاص، أما «المقة» أو «مكة» فلم تكن سوى حرم معبد هذا الإله على الأرض، أي يصبح «إل» هو «ذوي سموي» رب السماء ورب البيت المقدس له على الأرض. (7)
أنه قد ثبت في النقوش: أن زوجة إله القمر وهي الشمس، قد أطلق عليها اسم «إلات»،
30
ومن هنا يصبح «إل» هو إله القمر؛ لأن «إلات» الشمس هي مؤنث «إل»، وتتضح التسمية الحسية تماما ل «إل» بأنه «ذوي سموي» أو الرب الذي في السماء. (8)
صفحة غير معروفة