الأورجانون الجديد: إرشادات صادقة في تفسير الطبيعة

عادل مصطفى ت. 1450 هجري
79

الأورجانون الجديد: إرشادات صادقة في تفسير الطبيعة

تصانيف

التي تحدثت عنها في الشذرة السابقة، والتي أسميتها أيضا «شواهد النهاية أو الشواهد النهائية»

instances of the end or terminal instances ، هذه الشواهد ليست مفيدة فحسب عندما ترتبط بالقضايا الثابتة، بل هي أيضا مفيدة في ذاتها ومفيدة بطبيعتها الخاصة؛ ذلك أنها تميز بوضوح الأقسام الحقيقية للطبيعة: مقاييس الأشياء، وإلى أي حد في كل حالة يمكن للطبيعة أن تفعل (أي شيء) أو تنفعل، ثم الانتقال من طبيعة إلى طبيعة أخرى، مثال ذلك: في الثقل الذهب، وفي الصلابة الحديد، والحوت في حجم الحيوان، والكلب في الشم، ولهب البارود في سرعة التمدد ... إلخ، وهي شواهد تبين الدرجات النهائية في قاع المقياس مثلما تبينه في قمته، كشأن الكحول في الوزن، والحرير في النعومة، ودويدة الجلد في حجم الحيوان ... إلخ. ••• (35) وفي المرتبة الثالثة عشرة من شواهد الامتياز سأضع «شواهد التحالف أو الاتحاد»

instances of alliance or of union ،

52

وهي الشواهد التي تصهر وتوحد الطبائع التي تظن غير متجانسة وتدون وتدرج كذلك في التقسيمات السائدة.

تبين «شواهد التحالف» أن العمليات والتأثيرات المنسوبة إلى طبيعة ما قد تنتمي أيضا إلى طبائع متباينة أخرى، وأن هذا التباين يتكشف أنه غير حقيقي أو جوهري بل مجرد تعديل لطبيعة عامة، وهي من ثم ذات نفع عظيم في العلو والارتفاع بالعقل من الفروق إلى «العموميات»

genera ، وفي التخلص من الأوهام والصور الزائفة للأشياء كما تصادفنا متخفية في مواد عيانية.

افترض على سبيل المثال أن الطبيعة محل البحث هي «الحرارة»، ثمة - فيما يبدو - تمييز معتاد ومصدق بين ثلاثة أنواع من الحرارة: حرارة الأجرام السماوية وحرارة الحيوانات وحرارة النار، هذه الأنواع (وبخاصة أحدها بالمقارنة بالاثنين الآخرين) مختلفة ومتباينة تماما في ماهيتها وجنسها الحقيقيين أو في طبيعتها الخاصة، فحرارة الأجرام السماوية والحيوانات تخلق وتغذو، بينما حرارة النار تفسد وتدمر؛ لذا فمن «شواهد التحالف» تلك الخبرة الشائعة جدا من إحضار فرع من الكرم إلى منزل لا تخبو النار في مدفأته، فينضج عنبه سابقا الخارج بشهر، بوسع المرء إذن أن يسرع نضج الفاكهة حتى إذا كانت مدلاة على الشجرة، وذلك باستخدام نار، وإن كان ذلك - فيما يبدو - هو التأثير الخاص للشمس، من هذه البداية يشرع العقل في رفض وجود تباين جوهري، ويرتقي للتو إلى بحث أي فروق حقيقية توجد بين حرارة الشمس وحرارة النار فتجعل عمليهما جد متباينين رغم اشتراكهما في طبيعة عامة.

سيتبين أن الفروق هي أربعة: (1)

حرارة الشمس أخف وألطف درجة بكثير بالمقارنة بحرارة النار. (2)

صفحة غير معروفة