الأورجانون الجديد: إرشادات صادقة في تفسير الطبيعة

عادل مصطفى ت. 1450 هجري
64

الأورجانون الجديد: إرشادات صادقة في تفسير الطبيعة

تصانيف

وهو ظاهر أيضا في مدفأة النار التي تذكو أشد ما تذكو في الطقس الأبرد.

وظاهر كذلك في حقيقة أنه لا تلحظ حرارة عندما يتمدد الهواء في ترمومتر دون عائق أو ضغط مضاد، أي بتجانس وتساو، ولا تلحظ حرارة كبيرة في الرياح التي سكتت ثم هبت بعنف شديد؛ وذلك لأن الحركة هنا تؤثر على الكل دون أي حركة متبادلة في الجزيئات. أجر تجربة في هذا لنرى ما إذا كان اللهب لا يتوقد في الجوانب أكثر مما يتوقد في وسطه.

وهو ظاهر أيضا في واقعة أن كل احتراق يتقدم بواسطة المسام الدقيقة للأجسام المحترقة، فيتلفها ويخترقها ويخزها ويشكها كما لو كان بألف سن إبرة، هذا ما يجعل للأحماض القوية (إذا ماثلت الجسم الذي تعمل عليه) تأثير النار بسبب طبيعتها الأكولة الحادة.

هذا الفرق المحدد (الذي أتحدث عنه الآن) ينسحب أيضا على طبيعة البرودة، ففي البرد تتقيد الحركة الانكماشية بواسطة الحركة التمددية المضادة، مثلما أنه في الحر تتقيد الحركة التمددية بواسطة الحركة الانكماشية المضادة.

وهكذا سواء كانت جزيئات الجسم تعمل إلى الداخل أو إلى الخارج، فإن طريقة الفعل واحدة في الحالتين وإن اختلفت القوة؛ ذلك لأننا لا نخبر على الأرض أي شيء مفرط البرودة، انظر المثال 27 بالقائمة 1.

والفرق الرابع:

هو تنويع على سابقه، وهو أن حركة الوخز والاختراق لا بد أن تكون سريعة وليست بطيئة بحال، وأنها تحدث لا على مستوى الجزيئات البالغة الدقة بل الجزيئات الأكبر بعض الشيء.

يتضح هذا الفرق من مقارنة تأثيرات النار بتأثيرات الزمن: فالزمن أيضا يذوي ويستنفد ويتلف ويحيل إلى رماد مثلما تفعل النار، وربما على نحو أدق، ولكن لأن حركته بطيئة جدا، ولأنه يهاجم الجزيئات البالغة الدقة، لا تلحظ في الأمر حرارة.

ويتضح أيضا من مقارنة ذوبان الحديد وذوبان الذهب، فالذهب يذوب دون أن يثير أية حرارة، بينما يذوب الحديد مع إثارة عنيفة للحرارة وإن كان ذلك في فترة متساوية من الزمن؛ ذلك لأنه في حالة الذهب يكون دخول الحامض الفاصل رفيقا وحذرا وتذعن جزيئات الذهب بسهولة، أما في حالة الحديد فيكون الدخول عنيفا مقتحما وجزيئات الحديد أكثر عنادا.

ويتضح أيضا إلى حد ما في بعض حالات الغنغرينا وتعفن اللحم، حيث تنتج حرارة ضئيلة وألم قليل بسبب الطابع الرفيق للتعفن.

صفحة غير معروفة